للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وَ"الجِدَالُ" يَكُوْنُ المُمَارَاةُ (١)، وَهُوَ نَحْوَ مَا ذَهَبَ إلَيهِ مَالِكٌ، وذَهَبَ مُجَاهِد إِلَى أَنَّ مَعْنَى "لَا جِدَال في الحَجِّ" أَي: لَا جِدَال في أَنَّ الحَجَّ في ذي الحِجَّة (٢)، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، وشَرْحُهُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَنْسَؤُوْنَ الشُّهُوْرَ فَيُحِلُّوْنَ الحَرَامَ مِنْهَا ويُحَرِّمُوْنَ الحَلال علَى حَسَبِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيهِ في حُرُوْبِهِمْ، فَكَانُوا إِذا صَدَرُوا عَن مِنًى قَامَ رَجُلٌ مِنْ بني كِنَانَةَ يُقَالُ لَهُ: نُعَيمُ بنُ ثَعْلَبَةَ (٣) فَيقُوْلُ: أَنْسِئنَا


(١) هو قَوْلُ ابنِ عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وَطَاوُوسٍ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، والنَّخَعِيّ، وقتَادَةَ، والزهْريِّ والضَّحَّاكِ.
(٢) هو قَوْلُ السِّدّيّ، والقَاسم بنِ محمَّدٍ، ومُجَاهِدٍ، وهَذا هو الذي اختَارَهُ الطبَرِيُّ في تفسيره (٤/ ١٤٨، ١٤٩)، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ وغيرُهُ مَعَانيَ أُخرَى للجِدَالِ. منها اختلافهم في أمرِ مواقفِ الحَجِّ أيُّهم المُصِيبُ موقفَ إبراهيم، ومنها اختِلافٌ كان يكون بينهم في اليوم الذي فيه الحجُّ فنُهُوا عن ذلك. وقيل: الجِدَالُ: السِّبَابُ. وقيل: الاختلافُ فِيمَن هُو أَتَمُّ حَجًّا من الحُجَّاجِ.
(٣) في تفسير الطَّبَريّ: أبو ثُمامة رجلٌ من كنانة. وذكرَ الحَافِظُ ابنُ حجرٍ في الإصابة (١/ ٥٠٥) أنَّ أبا ثُمامة هَذَا وَاسْمُهُ جُنَادَةُ بنُ عَوْفٍ بنِ أميّه الكِنانِيُّ، هُوَ الَّذي قَامَ الإسْلام عليه، وَنَقَلَ عن ابن إسحاق، فمعنى هذَا أنَّه آخرُ مَنْ كَانَ يَنْسَأُ حتَّى ظَهَرَ الإسْلامُ. وذكر عن الزُّبير في كتاب "النَّسَبِ" له (١٣) أنَّ أوَّلَ منْ نَسَأَ -بعدَ القَلَمَّسِ- حذيفةُ بنُ عبدِ بنِ فقيم .. ، وحذيفة مذكورٌ في أجداد أبي ثمامة جنادة المذكورة. ولعل صحة العبارة في كتاب الحافظ "يُعَدُّ" أي: يُذكَرُ؛ لأنَّ القَلَمَّسَ هو نفسه حذيفة بن عبدٍ، وَالقَلَمّسُ لَقَبُهُ. ولم يذكره الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في كِتَابه "نزهة الألباب في الألقاب" فهو مستدركٌ عليه. وما ذكره المُؤَلِّفُ من أنَّهُ نُعَيمُ بنُ ثعلبةَ هو قولُ أبي علي القالي في الأمالي (١/ ٤) حَدَّثَ بذلِك عن أبي بكر بن الأنباريِّ، وردّ عليه السُّهيلي فقال في الرَّوْضُ الأنُفِ (١/ ٢٤٨) قال: "وليس ذلِك بمَعْرُوْفٍ" وَنَقَلَ ابنُ الجَوْزِيِّ في زادِ المَسِير (٢/ ٢١١)، والقرطبي في تفسيره (٨/ ١٣٨)، وأبو حيَّان في البحر المُحيط (٥/ ٤٠)، وغيرهم عن ابن الكلبي أنَّه نُعَيمٌ، فَعَلَى هَذا يكون قولُ السُّهيلي رحمه الله =