للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُطِفْنَ بِفُحَّالٍ كَأَنَّ ضِبَابَهُ ... بُطُوْنُ المَوَالِي يَوْمَ عِيدٍ تَغَدَّتِ

ورُبَّمَا قِيلَ لَهُ: فَحْلٌ (١) كَمَا يُقَالُ في الحَيَوَانِ، وَهُوَ قَلِيلٌ. وَذَكَرَ مَنْ أَعْسَى (٢) النَّخْلَ أَنَّ الفُحَّال رُبَّمَا قَابَلَ اتِّجِاهَ الأُنثَى وَكَانَ في مَوْضِع يَتَّصِلُ بِهَا نَسِيمُ الرِّيحِ الهَابَّةِ عَلَيهِ، فَتَصْبُوا إِلَيهِ كَمَا تَصْبُوا المَرْأةُ إِلَى الفَحْلِ، فَلَا (٣) يَنْفَعَهَا تَلْقَحُ إلَّا مِنْهُ. وَكَذلِكَ تَلْقِيحُ التِّينِ، فَإِنَّ فِيهَا ذُكُوْرًا وَإنَاثًا كَمَا في النَّخْلِ، وَمِنْهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَلْقِيحٍ، وَهَذَا الصِّنْفُ مِنَ الثِّمَارِ بِمَنْزِلَةِ المَرْأَةِ الَّتِي لا تَرْغبُ في الرِّجَالِ. وأَمَّا الزُّرُوْعُ ونَحْوُهَا مِمَّا لَا يُعْلَمُ لَهُ ذَكَرٌ ولا أُنْثَى فَإِنَّ مَعْنَى الأَبارِ فِيهِ والتَّلْقِيحِ هُوَ ظُهُوْرُ صَلاحِهِ وانْعِقَادِ ثَمَرِهِ، وأَنْ يَصِلَ في حَدٍّ تُؤْمَنُ عَلَيهِ الآفَاتُ.

واشْتِقَاقُ التَّلْقِيحِ مِنْ قَوْلهِمْ: لَقَحَتِ النَّاقَةُ: إِذَا حَمَلَتْ، وأَلْقَحَهَا الفَحْلُ، ولَقَّحَهَا صَاحِبُهَا تَلْقِيحًا: إِذَا حَمَلَ عَلَيهَا، وَلِذَا قَالُوا: أَلْقَحَتِ الرِّيحُ السَّحَابَ: إِذَا جَمَعَتْهُ وحَرَّكَتْهُ حَتَّى يُمْطِرَ قَال تَعَالى (٤): {[وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ] لَوَاقِحَ}.

الحُكْمُ في الثَّمَرِ لِمَنْ أبَّرَ قَدْ كَانَ مَعْرُوْفًا في الجَاهِلِيّةِ، وَكَانَ ذلِكَ مِنْ


(١) هي لُغَتُنَا الآن في منطقة القصيم يُسمُّونَهُ فَحْلًا، ولا يَعْرِفُوْنَ فُحَّالًا، وَهُوَ مَعْرُوْفٌ في بعض مناطق نَجدٍ كمنطقتي الوَشم وسُدير .. وهم ينطقونه بفتح الفاء.
(٢) كَذَا في الأصل، وفي اللِّسان وغيره (عَسَى) قَال: "عَسَا النَّبَاتُ عَسْوًا: إِذَا غَلُظَ واشْتَدَّ" ولعلَّه إِنَمَا ذكر من أعسى النَّخل، لأنَّ المُؤَلِّف رحمه الله لا خِبْرَةَ لَهُ بالنَّخْلِ؛ فالأنْدَلُس لا تَعْرِفُ النَّخلَ ولا زِرَاعَتَهَا فلَيستْ دَارُهم دارَ نَخْلٍ، قَال شَاعِرُهُم:
تَبَدَّتْ لَنَا وَسْطَ الرَّصَافَةِ نَخْلَةٌ ... تنَاءَت بأرْص الغَرْبِ عَنْ بَلَدِ النَّخْلِ
(٣) في الأصل: "فله".
(٤) سورة الحجر، الآية: ٢٢.