للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّحِيحُ، وَكَانَ قَدْ عُمِّرَ مَائَةً وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ شُجَّ في دِمَاغِهِ مَأْمُوْمَةً، فاعْتَرَاهُ خَبَلٌ فِي عَقْلِهِ وَلُثْغَةً فِي لِسَانِهِ، يَقْلِبُ اللَّامَ ذَالًا، فَيُرِيدُ أَنْ يَقُوْلَ: لَا خِلابَةَ، فَيَقُوْلَ: لَا خِذَابَةَ -واللُّثْغَةُ: أَنْ لَا يَسْتَطِيعُ المُتَكَلِّمُ أَنْ يُخْرِجَ الحَرْفَ من مَخْرَجِهِ ويُبْدِلَهُ حَرْفًا آخَرَ، فَيَقُوْلُ مَكَانَ مَرَّةَ مَغَّة. و"آنَ" مَكَانَ "كَانَ"، و"طَال" مَكَانَ "قَال". وَذَكَرَ نَافِعٌ عَنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ صُقِعَ فِي رَأْسِهِ مَأْمُوْمَةً. والصَّقْعُ الضَّرْبُ عَلَى الرَّأْسِ، يُقَالُ بالسِّينِ والصَّادِ. والمَأْمُوْمَةُ: شَجَّةٌ تَبْلُغُ أُمَّ الرَّأْسِ وَهُوَ الدِّمَاغُ، وتُسَمَّى أَيضًا: آمَّةً، وَقَلَّ مَا يَعِيشُ صَاحِبُهَا.

- وَذَكَرَ حَدِيثَ: "لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيعِ بَعْضٍ" [٩٥].

[فَقَال]: كَانَ أَبُو زَيدٍ الأنْصَارِيُّ، وأَبُو عُبَيدَةَ وَغَيرُهُمَا يَقُوْلُوْنَ: إِنَّمَا وَقَعَ النَّهْيُ عَلَى المُشْتَرِي لَا عَلَى البَائِعِ؛ لأنَّ العَرَبَ يَقُوْلُوْنَ: بِعْتُ بِمَعْنَى اشتَرَيتُ قَال النَّابِغَةُ (١):


(١) ديوان النَّابغة (١٥٧)، وفيه: وتروى لأوْسِ بنِ حَجَرٍ، وهو في اللِّسان لأوْسِ بنِ حَجَرٍ، يُراجع ديوانه (٤١)، وجاء في اللِّسان: وأنشده الجوهريُّ للنَّابغة. وقوله في ديوان النابغة: "وَهِي تُروَى لأوْسِ بنِ حَجَرٍ" غير جيِّد؛ لأنَّهَا ليست كلُّهَا لأوْسِ بنِ حَجَرٍ، بل بعضُهَا أبياتها تداخلت مَعَ قَصِيدَةٍ لأوْسٍ، ولعل هَذَا من خَلْطِ بَعْضِ الرُّوَاةِ؛ لاتفاقِ القصيدتين في الوزن والقافية، وأوّل أبيات النَّابِغَة:
وَدِّعْ أَمَامَةَ والتَّوْدِيعُ تَعْذِيرُ ... وَمَا وَادَعُكَ مَنْ قَفَّتْ بِه العِيرُ
وَمَا رَأَيتُكَ إلَّا نَظْرَةً عَرَضَتْ ... يَوْمَ النِّمَارَةِ والمَأْمُورُ مَأْمُوْرُ
أَنَّى القُفُولُ إلى حَيٍّ وإِن بَعُدُوا ... أَمْسَوا وَدُوْنَهُمُ ثَهْلانَ فالنِّيرُ
وَهَلْ تُبَلِّغَنَّهُمُ حَرْفٌ مُصَرَّمَةٌ ... أَجْدُ القِفَارِ وإِدْلاجٌ وتَهْجِيرُ
قَدْ عُرِّيَتْ نِصْفَ حَولٍ أَشهرًا جُدُدًا ... يَسْفِي عَلَى رَحْلِهَا بالحِيرَة المُوْرُ =