للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَال زُهَيرٌ (١):

فَلَا تَكْتْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوْسِكُمْ ... لِيَخْفَى وَمَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ

يُؤَخَّرْ فَيُوْضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَرْ ... لِيَوْمِ الحِسَابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَينْقَمِ

وَقَال زهُيرٌ أَيضًا: (٢)

فَإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعَةٌ ثَلاثٌ ... يِمَينٌ أَوْ نِفَارٌ أَوْ جَلاءُ

فَكَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يَتَعَجَّبُ مِنْ عِلْمِهِ بِمَقَاطِعِ الحُقُوْقُ.

ويُروَى (٣) أَنَّ زُهَيرًا لَمَّا احْتُضِرَ جَمَعَ بَنِيهِ وَكَانُوا ثَلاثَةً؛ خِدَاشٌ وبُجَيرٌ وَكَعْبٌ فَأَخْبَرَهُمْ أَنّه رَأَى فِي مَنَامِهِ حَبْلًا قَدْ مُدَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ والنَّاسُ يَتَعَلَّقُوْنَ بِهِ فَيَصْعَدُوْنَ، [قَال] وَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَ بِهِ فَانْقَطَعَ بِي وَسَقَطْتُ إِلَى الأرْضِ، وَقَدْ تأَوَّلْتُ أَنّهُ سَيَظْهَرُ في العَالمِ دَاعٍ إِلَى خَيرٍ وَحَقَّ، وَيَنْجُو مَنْ اتَّبَعَهُ واعْتَصَمَ بِه، وَلَسْتُ مِمَّن يُدْرِكُهُ لانْقِطَاع الحَبْلِ بِي، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُم فَلْيَتْبَعْهُ، فَأَمَّا خِرَاشٌ فَمَاتَ قَبْلَ الإسْلامِ. وأَمَّا بُجَيرٌ وَكَعْبٌ فَأَدْرَكَا الإسْلامَ فآمَنَ بُجَيرٌ، وَأَقَامَ كَعْبٌ بِمَكَّةَ يَهْجُو النَّبِيَّ [- صلى الله عليه وسلم -]، فَبَذَلَ النَّبيُّ [- صلى الله عليه وسلم -]، دَمَهُ، فَاتَّصَلَ ذلِكَ بِهِ فَهَاجِرَ وَأَسْلَمَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بُجَيرِ اجْتَمَعَ بِهِ تَذَكَّرَ وَصِيَّةَ أَبِيهِ.


(١) شرح ديوانه (١٨).
(٢) شرح ديوانه (٧٥).
(٣) الخبر في الأغاني (١٥/ ١٤٣)، وشرح بانت سعاد لأبي البركات ابن الأنباري (٨٤ - ٨٨)، وشرح بانت سعاد لابن هشام، وحاشيته للبغدادي (١/ ٥٧، ٥٨). ولجمال الدِّين يوسف بن عبد الهادي الصالحي الحنبلي (ت ٩٠٩ هـ) جزء في حديث إسْلامِ كعب بن زهير تتبع فيه طرقه، والخبر أكثر تفصيلًا مما ذكر المؤلِّف.