للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكُوْفَةِ وَفِي الكُوْفَةِ، وأَنْشَدَ يَعْقُوْبُ:

وخَضْخَضَ فِينَا البَحْرَ حَتَّى قَطَعْتُهُ ... عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ غُمَارٍ وَمِنْ وَحْلِ

أَرَادَ: وَخَضْخَضَ بِنَا. وَإِنَّمَا يُقَالُ: فُلانٌ بَصِيرٌ بِكَذَا، وَقَدْ جَاءَ مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو عُبَيدٍ مَنْصُوْبًا عَنْ عُثْمَانَ فِي رِوَايَةِ أَبَان (١) ابنُهُ عَنْهُ حَرْفًا بحَرْفٍ، وَكَانَ الأصْمَعِيُّ يَقُوْلُ: إِنَّمَا يُقَالُ: فُحَّالٌ النَّخْلِ، ولا يُقَالُ: فَحْلٌ [إِلَّا] لِلْحَيَوَانِ لَا غَيرُ (٢). وَمَا قَالهُ الأصْمَعِيُّ هُوَ الأكْثَرُ والأشْهَرُ، وفَحْلٌ [فِي النَّخْلِ] قَلِيلٌ أَنْشَدَ يَعْقُوْبُ (٣):

تَأبَّرِي يَا خَيرَةَ الفَسِيلِ

تَأَبَّرِي مِنْ حَنَذٍ فَشُوْلِي


(١) سبق ذكر أبان بن عثمان - رضي الله عنهما -.
(٢) سبق ذكر ذلك في كتاب البُيُوعِ (باب ما جاء في ثمر النخل).
(٣) إصلاح المنطق (٨١)، وتهذيبه (٢١٢)، وترتيبه "المشوف المعلم" (٢١٧)، وشرح أبياته (٧٨)، في تهذيب الإصلاح: "قال أبو محمد الأعرابي: كانت لأُحَيحَةُ نَخْلَةٌ مِئْخَارٌ أَطْلَعَتْ بَعْدَ ذَهَابِ الفُحَّال فَلَمْ يَجِدْ ما يُؤَبِّرُهَا بِهِ، حتَّى أتى بَلَدًا يُقَالُ له: حَنَذٌ فَجَاءَ بِشَيءٍ أَلْقَحَ بِهِ نَخْلَتَهُ، فَقَال هَذَا. وهَذَا أجودُ من قولِ الفَيرُوزآبادي: يَصِفُ النَّخْل بأنَّه بِحذَاء، وَأنَّه يَتَأبَّرُ منْهَا دون أن يُؤَبَّرَ.
أقُوْل -وعلى الله أعتمد-: "حَنَذٌ" المَذْكُوْرَةُ في الأبْيَات مَعْرُوْفةٌ بِهَذ التَّسمية إلى اليَوم عَلَى الطَّرِيق السَّرِيعِ المُتَّجهِ مِنَ المَدِينةِ إلى مَكَّة -شَرْفَهَا اللهُ- وَهِيَ إِلَى المَدِينَهِ أَقْرَب وَقَدْ ذَكَرَهَا البَكري في معجمه (٤٧١)، وَيَاقُوت الحَمَوي في مُعْجَم البُلدان (٢/ ٣١٠)، والفَيرُوزآبادي في المغانم المطابة (١٢٢)، وَقَال: "قَريَةٌ لأحيحة بن الجُلَّاح من أعراض المَدِينَةِ فِيهَا نَخْلٌ ... " وَأَنْشَدُوا جَمِيعًا أَبْيَات أحَيحَةَ هَذه. وَهِيَ في ديوانه (٨١) وَمَعْنَى "شُوْلِي"؛ أي: ارتفعي وطولي.