للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المَثَلِ (١) يُقَالُ للرَّجُلِ إِذَا أَمَرُوْهُ بِأن يُعْطَى الشَّيءُ بِجُمْلَتِهِ مِنْ غَيرِ أَنْ يُحْبَسَ مِنْهُ شَيءٌ: ادْفَعْهُ إِلَيهِ بِرُمَّتِهِ، وأَصْلُهُ: أَنَّ رَجُلًا بَاعَ مِنْ رَجُلٍ بَعِيرًا في عُنُقِهِ حَبْلٌ فَلَمَّا اسْتَوْجَبَهُ أَرَادَ السِّمْسَارُ أَنْ يَأْخُذَ الحَبْلَ مِن عُنُقِ البَعِيرِ، فَقَال لَهُ البَائِعُ: ادْفَعْهُ إِلَيهُ برُمَّتِهِ، فَصَارَ مَثَلًا. وَقِيلَ: إِنَّ أَصْلَهُ أَنَّ مَنْ شَأْنِ المَأْسُوْرِ والقَاتِلِ أَنْ يُوضَعَ في عُنُقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَبْلٌ يُقَادُ بِهِ. فَكَلامُ عَلِيَّ عَلَى هَذَا حَقِيقَة، وَعَلَى التّأْويلِ الأوَّلِ مَجَازٌ.

- وَقَوْلُهُ: "أَنَا أَبُو حَسَنٍ". فَإِنْ هَذِهِ كَلِمَةٌ تَسْتَعْمِلُهَا (٢) العَرَبُ عِنْدَ الافْتِخَارِ؛ بِمَا يَعْمَلُهُ النَّاسُ مِنْ أمْرٍ أَوْ عِنْدَ ظَنٍّ يَظُنُّهُ فَيَصْدُقُ ظَنُّهُ، أَوْ أَمْرٍ يَرُوْعُهُ


(١) في الأصل: "مَجْرَى الشَّكِّ" تَحريفٌ، والمَثَلُ في كتاب الأمثال لأبي عكرمة (٩١)، والفاخر (٨١)، ومجمع الأمثال (١/ ٥٥)، وذكروا التَّعليل الأوَّل. وذكره ابن الأنْباري في الزَّاهر (١/ ٤٦)، وذكر التَّعليلين معًا. فلعلَّه هو مصدر المؤلِّف.
(٢) هذا الأُسْلوبُ لَا يَزَالُ مُسْتَعْمَلًا عندَ العَامَّةِ في نَجْدٍ، يُقَالُ عند تحقيق ظَفَرٍ أو نَصَرٍ، أو تَحْقِيقِ مَكِيدَة لِعَدُوٍّ، أَوْ صِدْقِ ظَنٍّ ... ويُسَمَّى مَا يَقُوْلُهُ الرَّجُلُ نَخْوَةً أَو انْتخَاءً أَو عُزْوَةً أو اعتِزَاء، فيُشْهِرُ نَفْسَهُ بمن يُدْلي إليه بقَرَابَةٍ أَو نَسَبٍ، أَو يَتَّصِلُ به بِوَشِيجَةٍ أو سَبَبٍ، فيقول: أَنا أَبُو فُلانٍ، أَو أَخُو فُلانٍ أو فُلانَةٍ، أو ابن فُلانٍ، أَوْ وَلَدُ فُلانٍ، ومثلُهُ في الشِّعْرِ العَرَبيِّ كثيرٌ، منه قولُ الشَّاعِرِ:
* أَنَا ابنُ مَاويَّةَ إِذْ جَدَّ النُّفُرْ *
وَقَوْلُهُ:
* أَنَا ابنُ جَلا وطَلَّاعَ الثَّنَايَا *
وَقَوْلُهُ:
* أَنَا الَّذِي سَمَّتْني أَمِّي حَيدَرَهْ *