للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضَّخْمَةُ البَدَنِ؛ سُمِّيَتْ بِذلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى سِمَنِهَا، وَرُويَ: "بَادِيَةُ" (١) مِنْ بَدَا يَبْدُو، وَالأوَّلُ هُوَ المَشْهُوْرُ. وَ"الهَيفَاءُ" الضَّامِرَةُ الخِصْرَينِ. وَ"الشَّمُوع" الكَثيرَة المِزَاحِ، والمُشْمِعَةُ: المُكَامِنَةُ. و"النَّجْلَاءُ": العَظِيمَةُ شَقِّ العَينَينِ، وَمِنْهُ: طَعْنَةٌ نَجْلَاءُ: الوَاسِعَةُ الشَقِّ. وَمَعْنَى إِذَا تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ أَي: إِنَ كَلَامَهَا يُشْبِهُ الغِنَاءَ (٢)؛ لِحُسْنِ نَغْمَتِهَا وَحَلَاوَةِ مَنْطِقِهَا، قَال الشَّاعِرُ:

حَسِبْتُهَا تَتَغَنَّى إِذْ تكَلِّمُنِي ... ويُظْهِرُ الدُّرُّ فُوْهَا حِينَ تَبْتَسِمُ

وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَقُوْلَ: "وَتُدْبِرُ بِثَمَانِيَةٍ" لأنَّه إِنَّمَا أَرَادَ أَطْرَافَ العُكْنِ، والطَّرَفُ مُذَكَّرٌ لكِنَّهُ أَنَّثَ عَلَى مَعْنَى الجَمْعِ، كَمَا تَقُوْلُ: كَتَبَ لِفُلَانٍ ثَلَاثَ سِجِلَّاتٍ، فَتُؤَنِّثُ والوَاحِدُ سِجِلٌ. والقَعْبُ: القِدْحُ الصَّغِيرُ. والمَكْفُوُّ: المَقْلُوْبُ عَلَى فَمِهِ. وَمَنْ رَوَاهُ: "المَكْفُوْفُ" فَقَدْ أَخْطَأَ، وَمَعْنَى "تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ"؛ أَي: تَسْتَغْرِقُ نَظَرَ العَينِ وتَمْلِكُهُ فَلَا تَنْظُرُ العَينُ إِلَى غَيرِهَا عُجْبًا بِهَا. وَهِيَ لَاهِيَةٌ أَي: غَافِلَةٌ لَمْ تَتَزَيَّنْ، يُرِيدُ: إِنَّ حُسْنَهَا غَيرُ مُتكلَّفٍ. وَرَوَاهُ ابنُ دُرَيدٍ (٣): "تَعْتَرِقُ" بالعَينِ غَيرِ


(١) هكَذَا رواها إسماعيلُ بنُ هبةِ اللهِ بنِ بَاطِيش في كتابه "غاية الوسائل في معرفة الأوائل": ورقة (١٢) بخَطِّ يده -بياء مثنَاةٍ تحتية- قال: "أوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ النُّقُوْشَ باديةُ بنتُ غَيلَان ... " وَذَكَرَ القِصَّةَ المَذْكُوْرَةَ هُنَا بشيءٍ من التَّفْصِيل.
(٢) ردّ ابن حَبِيبٍ في تفسير غريب الموطَّأ (٢/ ٦١) ذلك فقَال: "قَال عَبْد المُلِكِ: ومعنى قوله: "إنْ تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ" من الغُنَّة وليس مِن الغِنَاءِ؛ لأنَّ العَرَبَ تَقُوْلُ من الغُنَّةِ: تَغَنَّى الرَّجُلُ في كلامه وتَغَنَّنَ كَمَا تَقُوْلُ من الظَّنِّ تَظَنَّى وتَظَنَّنَ، وهو التَّظِنِينُ والتَضَنِّي، ولم يكن بها غُنَّةٌ فَتَعيبها، ولكنَّهَا لشدة تأنيثها كانت تتغنَّنُ في كلامها مِنْ لِينَهَا وَرَخَامَةِ صَوْتهَا" وعنه في التَّمْهيد (٢٢/ ٢٧٧).
(٣) قال مُحَقِّقُ ديوان قَيسٍ الدُّكتور ناصر الدِّين الأسَدِ: "وَمِنَ الطَّرِيف أَنَّ ابنَ دُرَيدٍ كَانَ يَرْويهَا: =