للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويَعْضُدُهُ، وَ"صَنْعَاءُ" مَمْدُوْدٌ لَا غَيرُ، وَهِيَ مِنْ بِلَادِ اليَمِنِ، والنَّسَبُ إِلَيهَا: صَنْعَانِيٌّ وصَنْعَاويٌّ.

-[قَوْلُهُ: "حَتَّى تَفِيظَ نَفْسُهُ"] [١٥]. كَانَ الأَصْمَعِيُّ لَا يُجِيزُ: فَاضَتْ نَفْسُ الرَّجُلِ (١)، وَيَقُوْلُ: إِنَّمَا هُوَ فَاظَ الرَّجُلُ: إِذَا مَاتَ، فَاحْتُجَّ عَلَيهِ بِقَوْلِ


(١) الذي يُفهم من كلامهم أنَّ الأصْمَعِيَّ رحمه اللهُ لا يُجِيز فَاظَتْ نَفْسُ الرَّجُلِ بالظَّاءِ، أَمَّا بالضَّادِ "فَاضَتْ نَفْسُ الرَّجُلِ" فَجَائِزٌ عِنْدَهُ، وَهَذَا مَا نقله عنه ابن دريد في الجَمْهرة (٩٣٣) ونص كلامه: "وَقَال الأصْمَعِي: تقول العرب: فَاظَ الرَّجُلُ: إِذَا مَاتَ، فإِذَا ذَكَرُوا نفسَهُ قالوا: فَاضَتْ نَفْسُهُ بالضَّادِ قَال الرَّاجِزُ [وذكر البيتين المذكورين هنا] وَقَال: وأَجَازهما أَبُو زَيدٍ جَمِيعًا، وقَال أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زَيدِ تقُوْلُ: بَنُو ضَبَّةَ وَحْدَهُم تقُوْلُوْنَ: فَاظَتْ نَفْسُهُ" ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ في "الصِّحَاحِ" عن الأَصْمَعِيِّ خلافَ هَذَا كَمَا نَقَلَ ابنُ بَرِّي في حَوَاشِي "الصِّحَاحِ" وَنَفلَ كلامَ ابنِ دُرَيدِ في "الجَمْهَرَةِ"، وَقَال: وَهَذَا هُوَ المَشْهُوْرُ من مَذْهَبِ الأَصْمَعِيِّ، وإِنَّمَا غَلَطَ الجَوْهَرِيُّ لأنَّ الأصْمَعِيَّ حَكَى عن أَبي عَمْرٍو أَنَّه لَا يُقَالُ: فَاضَتْ نَفْسُهُ، وَلكِنْ يُفَالُ: فَاظَ إِذَا مَاتَ قَال: ولَا يُقَالُ: فَاضَ بالضَّادِ بَتَّةً، قَال: وأَمَّا أَبُو عُبَيدَة فَقَال: فَاظَتْ نَفْسُهُ بالظَّاءِ لُغَةُ قَيسٍ، وفَاضَتْ بالضَّادِ لُغَةُ تَمِيمٍ. وقَال أَبُو حَاتِم: سَمِعْتُ أَبَا زَيدٍ يقُوْلُ: بَنُو ضَبَّةَ وَحْدَهُمْ يقُوْلُوْنَ: فَاضَتْ نَفْسُهُ، وَكَذلِكَ حَكَى المَازنِيُّ عن أَبِي زَيدٍ، قَال: وكلُّ العَرَبِ تَقُوْلُ: فَاظَتْ نَفْسُهُ إِلَّا بَنُو ضَبَّةَ فَإِنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ: فَاضَتْ نَفْسُهُ مِثل فَاضَتْ دَمْعَتُهُ. وَزَعَمَ أَبُو عُبَيدٍ أنَّهَا لُغَةٌ لبعضِ بَنِي تَمِيمٍ، يَعْنِي فَاظَتْ نَفْسُهُ وفَاضَتْ ... " وفي "المُجْمَلِ" لابنِ فَارِسٍ: "وَسَمِعْتُ مَشْيَخَةً فُصَحَاءَ من رَبِيعَةَ بنِ مَالِكٍ يَقُوْلُوْنَ: فَاضَتْ نَفْسُهُ بالضَّادِ، وسَمِعْتُ شَيخًا منهم يُنْشِد ... ".
ولِلعُلَمَاءِ في هَذ اللَّفْظَةِ كَلَامٌ طَويلٌ جَيِّدٌ، والمُتَتَبِّعُ لَهُ يَظْفَرُ بعَجَائِبَ ونَوَادِرَ وكِنُوْزٍ من لَطَائِفِ البَيَانِ العَرَبِيِّ. يُراجع: شُرُوح الفَرق بين الظَّاء والضَّاد وهي مؤلفاتٌ كثيرةٌ مفيدةٌ، ونوادر أبي زيد (٥٧٨)، وأدب الكاتب (٤٠٥)، والكامل (١/ ٣٤٧)، والمنصف (٣/ ٨٩)، ، وتثقيف اللِّسان (٩٣)، وسفر السعادة (١/ ٤١١) ... وغيرها.