للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَصِحُّ عَلَى ظَاهِرِهَا، لأنَّكَ إِنْ جَعَلْتَهُ كَلَامًا مُنْقِطِعًا مِنَ الحَدِيثِ لَمْ يَصِحَّ لَهُ مَعْنًى، ولَا إعْرَابٌ، وإِنْ وَصَلْتَهُ بالحَدِيثِ صَارَ التَّقْدِيرُ: وإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا إِذَا كَانَ لَا يُخْرِجُكُمْ إلا فِرَارًا مِنْهُ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ لَهُ مَعْنًى وَلَا إِعْرَابٌ، سَوَاءً رَفَعْتَ الفِرَارَ أَوْ نَصَبْتَهُ، وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إلا عَلَى أَنْ يَكُوْنَ سَقَطَ مِنَ الحَدِيثِ شَيءٌ، كَأَنَّ الحَدِيثَ إِنَّمَا كَانَ: وإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا إِذَا كَانَ لَا يُخْرِجُكُمْ إلا الفِرَارُ مِنْهُ، فَإِذَا زِيدَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة صَحَّ مَعْنَى الحَدِيثِ (١)، وَجَازَ في إِعْرَابِهِ وَجْهَانِ الرَّفْعُ والنَّصْبُ، والرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ يُخْرِجُكُمْ، والنَّصْبُ عَلَى أَنْ يُضْمَرَ في "يُخْرِجُكمْ" ضمِيرًا فَاعِلًا يَرْجِع إِلَى الطَّاعُوْنِ، كَأَنَّهُ قَال: إِذَا كَانَ لَا يُخرجُكُمْ الطَّاعُوْنُ إلا فِرَارًا مِنْهُ فَيَنْتَصِبُ "فِرَارًا" عَلَى أَنّه مَفْعُوْلٌ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ عَلَى أَنّه مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الحَالِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ: إلا فِرَار مِنْهُ، أَي: إِفْرَارُ الطَّاعُوْنِ إِيَّاكُمْ، أَي: لَا يَحْمِلَنكُّمْ


= وهو ثِقَةٌ. قَال أَبُو حَاتِم: صَالِحٌ، ثِقَة، حَسَنُ الحَدِيثِ، قَال مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: "كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الحَدِيثِ. مَاتَ في خِلَافَةِ مَروان بن مُحَمَّدٍ سنة (١٢٩ هـ) ". أَخْبَارُهُ في: طبقات خليفة (٢٦٨)، وتاريخ أبي زُرْعَةَ (٤٢٣)، وسير أعلام النُّبلاء (٦/ ٦)، وتَهذيب الكمال (١/ ١٢٧)، والشَّذرات (١/ ١٧٦).
(١) نَقَلَ اليَفْرُني في "الاقْتِضَابِ" عن أبي عُمَرَ بنِ عَبْدِ البَرِّ في هَذَا المَوْضِعِ كَلَامًا جَيِّدًا ثُمَّ قَال: "وَقَدْ ذَكَرنَا مِرَارًا أَنَّ الرُّواة رُبَّمَا أسْقَطُوا أَلْفَاظًا من الأحاديث فأفْسَدُوْهَا كَنَحْو الحَدِيثِ الَّذي يرويه جَمَاعَةٌ أَن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قِال: "وَذَكَرَ سَنَة مائة لا يَبْقَى على ظَهْرِهَا يَومئِذٍ نَفْسٌ مَنْفُوْسَةٌ مِنْكُم" فَأَسْقَطَ الرَّاوي "مِنكم" فَأفَسَدَ الحَدِيثَ حَتَّى طَعَنَ المُلْحِدُوْنَ على الإسْلَامِ وَقَالُوا: هَذَا كَذِبٌ، وَمِثْلُ الحَدِيثِ المُتَقَدمِ: "إلا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا" وأَسقَطَ بَعْضُ الرُّواةِ "لَهُ" فأَخَلَّ الحَدِيثَ ... ".