للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ فَتَحَ: أَنّه لَمَّا انْقَضتْ بِهِ النُّبُوَّةِ شُبِّهَ بالخَاتَم الَّذي يُخْتَمُ بِهِ الكِتَابِ إِذَا فُرِغَ مِنْهُ. والخَاتِمُ مَعْنَاهُ: آخِرُ الأنْبِيَاءِ، اسمُ فَاعلٍ مِنْ خَتَمَ يَخْتِمُ فَهُوَ خَاتِمٌ. وَقَال الجَاحِظُ: مَعْنَى "فَارقليطي" عِنْدَ النَّصْرِ والحَمْدِ يَقُوْلُوْنَ لِفُلانٍ عِنْدِي فَارقليطي، تأْويلُهُ: المَحْمَدَةُ، كَأَنَّهُ أَرَادَ: مُحَمَّدَ وأَحْمَدَ ومَحْمُوْدَ.

- وَقَوْلُهُ: "عَلَى قَدَمِي". أَي: أَنّه يُحْشَرُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِهِ؛ أَي: عَلَى أثرِهِ، وَقَدْ جَاءَ: "عَلَى عَقِبِي" وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَدَمِهِ عَهْدُهُ وَزَمَانُهُ. يُقَالُ: كَانَ ذلِكَ عَلَى عَهْدِ فُلانٍ، وَعَلَى رِجْلِ فُلانٍ، وَعَلَى قَدَمِهِ، وَعَلَى حِينِ فُلانٍ، أَي: عَهْدِهِ وَزَمَانِهِ. ويُرْوَى (١) أَنَّ ابنَ المُسَيِّبِ قَال ذَاتَ يَوْمٍ: إِنِّي رَأيتُ مُوْسَى يَمْشِي عَلَى البَحْرِ حَتَّى صعَدَ إِلَى قَصْرٍ، ثُمَّ أَخَذَ بِرِجْلِ شَيطَانٍ فَألقَاهُ في البَحْرِ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ نَبِيًّا هَلَكَ عَلَى رِجْلِهِ مِنَ الجَبَابِرَةِ مَا هَلَكَ عَلَى رِجْلِ مُوْسَى وأَظُنُّ هَذَا قَدْ هَلَكَ يَعْنِي عَبْدَ المَلِكِ بِنَ مَرْوَانَ فَجَاءَ نَعْيُهُ. بَعْدَ أَرْبَعٍ، أَي: عَلَى زَمَانِ مُوْسَى. وتَحْقِيقُ القَوْلِ في هَذَا الحَدِيثِ عَلَى وَجْهَينِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُوْنَ أَرَادَ بِحَشْرِ النَّاسِ عَلَى أثرِ قَدَمِي فَحَذَفَ المُضَافَ وأَقَامَ المُضَافَ إِلَيهِ مَقَامَهُ.


= عنه - مرَّ بأبي عبد الرَّحمن السَّلَمِيِّ وهو يُقْرِئُ الحَسَنَ والحُسَينَ - عليه السلام - {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} فقَال عَبْدُ الله بنُ حَبِيبٍ أَقْرِئْهِما: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} بفتح التَّاء. ويُراجع: تفسير الطبري (٢٢/ ١٣)، ومعاني القرآن للفرَّاء (٢/ ٢٤٤)، وتفسير القرطبي (١٤/ ١٩٦)، والبحر المحيط (٧/ ٢٣٦).
(١) غَرِيبُ الحَديثِ للخَطَّابِيِّ (١/ ٤٢٥)، والقول السَّابق من أول الفقرة كله له رحمه الله، وعنه نقله اليَفْرُنِي في "الاقتضاب"، وفي غَرِيبِ الخَطَّابِي: "وَحُكِيَ عن الأصْمَعِيِّ قَال: قَال سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ ... ".