للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَقَدْ أَبِيتُ عَلَى الطِّوَى وأَظلُّهُ ... حَتَّى أَنَال بِهِ كَرِيمَ المَأكِلِ

قَال قَيسُ بنُ عَاصِم المَنْقَرِيُّ (١):

إِذَا مَا صَنَعْتِ الزَّادَ فَالتَمِسِي لَهُ ... أَكِيلًا فَإِنِّي لَسْتُ آكِلُهُ وَحْدِي

قَصِيًّا كَرِيمًا أَوْ قَرِيبًا فَإِنَّنِي ... أَخَافُ مَلامَاتِ الأحَادِيثِ مِنْ بَعْدِي

كَتَبَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيدَةَ وَهُوَ بالأرْدُنِّ: إِنَّ الأرْدُنَّ أَرْضٌ عَمِقَةٌ، أَي: وَبِئَةٌ، وأَرْضُ الجَابِيَةِ أَرْضٌ نَزِهَةٌ، فاظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ المُسْلِمِين.

عَلَى المَرْءِ أَنْ يَسْعَى وَيَبْذُلَ جَهْدَهُ ... وَيقِضِي إِلَهُ النَّاسِ مَا كَانَ قَاضِيَا (٢)

- قَوْلُ النَّبِيِّ [- صلى الله عليه وسلم -]: "نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ الله إلى قَدَرِ الله" وَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُوْدٍ: "لَا يَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِتّمَائة وعَلَى الأرْضِ غَيرُ مُضَريٍّ، فَقَال لَهُ عَلِيٌّ: أَخْطَأْتَ


(١) قَال أَبُو الفَرَجِ الأصْبَهَانِيُّ في الأغَاني (١٤/ ٧١، ٧٢) "دار الكتب": "أَخْبَرَنِي محمدُ بنُ الحَسَنُ بنِ دُرَيدٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَمِّي، عَن العَباسِ بن هِشامٍ، عَن أَبِيهِ، عن جَدِّه، قَال: تزَوَّجَ قَيسُ بنُ عَاصِمٍ المَنْقَرِيُّ مَنْفُوْسَةَ بنتَ زَيدِ الفَوَارِسِ الضَّبِّيُّ، وأَتَتْهُ في الليلَةِ الثَّانِيَةِ من بِنائِهِ بِهَا بِطَعَامٍ فَقَال: فَأَين أَكيلِي؟ فَلَمْ تَعْلَمْ مَا يُرِيدُ، فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
أَيَا ابْنَةَ عَبْدِ الله وابْنهَ مَالِكٍ ... وَيَا بْنَةَ ذِي البُرْدَينِ والفَرَسِ الوَرْدِ
إِذَا مَا صَنَعْتِ الزَّادَ فالْتَمَسِي لَهُ ... أَكِيلًا فَإِنِّي لَسْتُ آكِلُهُ وَحْدِي
أَخا طَارِقًا أَوْ جَارَ بَيتٍ فَإِنَّنِي ... أَخَافُ مَلامَاتِ الأحَادِيثِ مِنْ بَعْدِي
وإِنِّي لَعَبْدُ الضَّيفِ مِنْ غَيرِ ذِلةٍ ... وَمَا بِيَ إلَّا تِلْكَ مِنْ شِيَمِ العَبْدِ
قَال: فَأرسَلَتْ جَارِيَةً لَهِا مَلَيحَةً فَطَلَبَتْ أَكِيلًا وأَنْشَأتْ تَقُوْلُ لَهُ:
أَبَى المَرْءُ قَيسٌ أَنْ يَذُوْقَ طَعَامَهُ ... بِغَيرِ أَكِيلٍ إِنَّه لَكَرِيمُ
فَبُوْرِكْتَ حَيًّا يَا أَخَا الجُوْدِ والنَّدَى ... وَبُوْرِكْتَ مَيتًا قَدْ حَوتكَ رُجُوْمُ
(٢) قائله إبراهيم بن مهدي كما في رفع الحجب المستورة (١٤٥٦).