للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقَّ الْوَاوِ أَنْ تَدْخُلَ هُنَا عَلَى الْفِعْلِ، وَلَكِنْ لَمَّا قُدِّمَ الْحَالُ وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْطُوفِ؛ أَوْلَاهَا الْوَاوُ، وَحَسَّنَ ذَلِكَ أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي حُكْمِ الظَّرْفِ؛ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً. .) [الْبَقَرَةِ: ٢٠١] .

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ «أَنْ» مَحْذُوفَةٌ؛ أَيْ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرِيَكُمْ، وَإِنْ حُذِفَتْ «أَنْ» فِي مِثْلِ هَذَا جَازَ رَفْعُ الْفِعْلِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ مَحْذُوفًا؛ أَيْ وَمِنْ آيَاتِهِ آيَةٌ يُرِيكُمْ فِيهَا الْبَرْقَ؛ فَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ وَالْعَائِدُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَمِنْ آيَاتِهِ شَيْءٌ، أَوْ سَحَابٌ؛ وَيَكُونَ فَاعِلُ يُرِيكُمْ ضَمِيرَ شَيْءٍ الْمَحْذُوفَ.

قَالَ تَعَالَى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الْأَرْضِ) : فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: هُوَ صِفَةٌ لِدَعْوَةٍ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: خَرَجْتُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ «إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ» . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ «مِنْ» بِتَخْرُجُونَ هَذِهِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ إِذَا لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا.

قَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) : أَيِ الْبَعْثُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فِي ظَنِّكُمْ.

وَقِيلَ: أَهْوَنُ بِمَعْنَى هَيِّنٌ، كَمَا قَالُوا اللَّهُ أَكْبَرُ؛ أَيْ كَبِيرٌ.

وَقِيلَ: هُوَ أَهْوَنُ عَلَى الْمَخْلُوقِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ نُقِلَ مِنْ نُطْفَةٍ إِلَى عَلَقَةٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي الْبَعْثِ يَكْمُلُ دُفْعَةً وَاحِدَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>