قَالَ تَعَالَى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (١١٢) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (التَّائِبُونَ) : يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ؛ أَيْ: هُمُ التَّائِبُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وَالْخَبَرُ: الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي، أَوْ أَمْدَحُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا صِفَةً لِلْمُؤْمِنِينَ. (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : إِنَّمَا دَخَلَتِ الْوَاوُ فِي الصِّفَةِ الثَّامِنَةِ إِيذَانًا بِأَنَّ السَّبْعَةَ عِنْدَهُمْ عَدَدٌ تَامٌّ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: سَبْعٌ فِي ثَمَانِيَةٍ؛ أَيْ: سَبْعُ أَذْرُعٍ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْبَارٍ، وَإِنَّمَا دَلَّتِ الْوَاوُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ تُؤْذِنُ بِأَنَّ مَا بَعْدَهَا غَيْرُ مَا قَبْلَهَا، وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ فِي بَابِ عَطْفِ النَّسَقِ.
قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (١١٧) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) : فِي فَاعِلِ كَادَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَالثَّانِي: فَاعِلُهُ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ: مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ الْقَوْمُ، وَالْعَائِدُ عَلَى هَذَا الضَّمِيرِ فِي مِنْهُمْ. وَالثَّالِثُ: فَاعِلُهَا الْقُلُوبُ، وَيَزِيغُ فِي نِيَّةِ التَّأْخِيرِ، وَفِيهِ ضَمِيرُ فَاعِلٍ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ ذَلِكَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالتَّاءِ، فَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْيَاءِ فَيَضْعُفُ، عَلَى أَنَّ أَصْلَ هَذَا التَّقْدِيرِ ضَعِيفٌ، وَقَدْ بَيَّنَاهُ فِي قَوْلِهِ: (مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ) [الْأَعْرَافِ: ١٣٧] .
قَالَ تَعَالَى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١١٨) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute