وَ (حَنِيفًا) : حَالٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَقَرَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَاهُنَا حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي اتَّبَعَ. (وَاتَّخَذَ اللَّهُ) : مُسْتَأْنَفٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا) (١٢٧) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا يُتْلَى) : فِي «مَا» وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: مَوْضِعُهَا جَرٌّ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِفِي، وَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ يُجِيزُونَ الْعَطْفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى مَعْنًى، وَنُبَيِّنُ لَكُمْ مَا يُتْلَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى يُفْتِيكُمْ: يُبَيِّنُ لَكُمْ. وَالثَّالِثُ: هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي يُفْتِيكُمْ، وَجَرَى الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَجْرَى التَّوْكِيدِ؛ وَالثَّانِي: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَهُوَ: قُلِ اللَّهُ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ يُبَيِّنُ لَكُمْ، وَ «فِي» تَتَعَلَّقُ بِيُتْلَى، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُتْلَى. وَ (فِي يَتَامَى) : تَقْدِيرُهُ: حُكْمُ يَتَامَى، فَفِي الثَّانِيَةِ تَتَعَلَّقُ بِمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا مُخْتَلِفٌ، فَالْأُولَى ظَرْفٌ، وَالثَّانِيَةُ بِمَعْنَى الْبَاءِ؛ أَيْ: بِسَبَبِ الْيَتَامَى كَمَا تَقُولُ: جِئْتُكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي أَمْرِ زَيْدٍ، وَقِيلَ: الثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute