للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) : قَدْ ذُكِرَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ) [الْبَقَرَةِ: ١٤٣] وَ (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ) [آلِ عِمْرَانَ: ١٧٩] .

قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) (١٦٩) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ) : اسْتِثْنَاءٌ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي مَعْنَى الْعُمُومِ؛ كَانَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَ (خَالِدِينَ) : حَالٌ مُقَدَّرَةٌ.

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (١٧٠) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ) : بِالْحَقِّ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ؛ أَيْ: وَمَعَهُ الْحَقُّ، أَوْ مُتَكَلِّمًا بِالْحَقِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِجَاءَ؛ أَيْ: جَاءَ بِسَبَبِ إِقَامَةِ الْحَقِّ. وَ (مِنْ) : حَالٌ مِنَ الْحَالِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِجَاءَ؛ أَيْ: جَاءَ الرَّسُولُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. (فَآمِنُوا خَيْرًا) تَقْدِيرُهُ: عِنْدَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، وَأْتُوا خَيْرًا فَهُوَ مَفْعُولٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ فَهُوَ يُرِيدُ إِخْرَاجَهُمْ مِنْ أَمْرٍ، وَإِدْخَالَهُمْ فِيمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ. وَقِيلَ التَّقْدِيرُ: إِيمَانًا خَيْرًا، فَهُوَ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ. وَقِيلَ: هُوَ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفُ؛ أَيْ: يَكُنِ الْإِيمَانُ خَيْرًا، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ؛ لِأَنَّ كَانَ لَا تُحْذَفُ هِيَ وَاسْمُهَا، وَيَبْقَى خَبَرُهَا إِلَّا فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَيَزِيدُ ذَلِكَ ضَعْفًا أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّرَ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٌ، فَيَصِيرُ الْمَحْذُوفُ الشَّرْطَ وَجَوَابَهُ. وَقِيلَ: هُوَ حَالٌ. وَمِثْلُهُ (انْتَهُوا خَيْرًا) [النِّسَاءِ: ٧١] فِي جَمِيعِ وُجُوهِهِ.

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (١٧١) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا) (١٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>