وَالسَّادِسُ: أَنَّ «الصَّابِئُونَ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَلَكِنَّهُ جَاءَ عَلَى لُغَةِ بَلْحَرِثِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ التَّثْنِيَةَ بِالْأَلِفِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْجَمْعَ بِالْوَاوِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَالْقَوْلُ السَّابِعُ: أَنْ يَجْعَلَ النُّونَ حَرْفَ الْإِعْرَابِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَأْبُوا عَلَيَّ، إِنَّمَا أَجَازَ ذَلِكَ مَعَ الْيَاءِ لَا مَعَ الْوَاوِ، قِيلَ: قَدْ أَجَازَهُ غَيْرُهُ وَالْقِيَاسُ لَا يَدْفَعُهُ، فَأَمَّا «النَّصَارَى» فَالْجَيِّدُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْقِيَاسِ الْمُطَّرِدِ، وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى غَيْرِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ) (٧٠) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا) : «فَرِيقًا» الْأَوَّلُ مَفْعُولُ كَذَّبُوا. وَالثَّانِي: مَفْعُولُ «يَقْتُلُونَ» . وَكَذَّبُوا جَوَابُ كُلَّمَا، وَيَقْتُلُونَ بِمَعْنَى قَتَلُوا، وَإِنَّمَا جَاءَ كَذَلِكَ لِتَتَوَافَقَ رُءُوسُ الْآيِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) (٧١) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَّا تَكُونَ) : يُقْرَأُ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ «أَنِ» النَّاصِبَةَ لِلْفِعْلِ، وَحَسِبُوا بِمَعْنَى الشَّكِّ.
وَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ «أَنِ» الْمُخَفَّفَةَ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ، وَجَازَ ذَلِكَ لَمَّا فَصَلَتْ «لَا» بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفِعْلِ، وَحَسِبُوا عَلَى هَذَا بِمَعْنَى عَلِمُوا، وَقَدْ جَاءَ الْوَجْهَانِ فِيهَا. وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ مَعَ أَفْعَالِ الشَّكِّ وَالطَّمَعِ، وَلَا النَّاصِبَةُ لِلْفِعْلِ مَعَ عَلِمْتُ، وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا، وَكَانَ هُنَا هِيَ التَّامَّةُ. (فَعَمُوا وَصَمُّوا) : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute