للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا نَزَّلْنَا) : فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِرَيْبٍ ; أَيْ رَيْبٍ كَائِنٍ مِمَّا نَزَّلْنَا.

وَالْعَائِدُ عَلَى ((مَا)) مَحْذُوفٌ أَيْ نَزَّلْنَاهُ، وَ ((مَا)) بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ ((مِنْ)) بِرَيْبٍ ; أَيْ إِنِ ارْتَبْتُمْ مِنْ أَجْلِ مَا نَزَّلْنَا.

(فَأْتُوا) : أَصْلُهُ: ائْتِيُوا، وَمَاضِيهُ أَتَى، فَفَاءُ الْكَلِمَةِ هَمْزَةٌ ; فَإِذَا أَمَرْتَ زِدْتَ عَلَيْهَا هَمْزَةَ الْوَصْلِ مَكْسُورَةً، فَاجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ، فَأُبْدِلَتِ الثَّانِيَةُ يَاءً لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ هَمْزَتَيْنِ، وَكَانَتِ الْيَاءُ الْأُولَى لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا، فَإِذَا اتَّصَلَ بِهَا شَيْءٌ حُذِفَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا، ثُمَّ هَمْزَةُ الْيَاءِ لِأَنَّكَ أَعَدْتَهَا إِلَى أَصْلِهَا لِزَوَالِ الْمُوجِبِ لِقَلْبِهَا.

وَيَجُوزُ قَلْبُ هَذِهِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا إِذَا انْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا مِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَيَاءً إِذَا انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا ; كَقَوْلِهِ: الَّذِي إِيتَمَنَ، فَتُصَيِّرُهَا يَاءً فِي اللَّفْظِ، وَوَاوًا إِذَا انْضَمَّ مَا قَبْلَهَا ; كَقَوْلِهِ: يَا صَالِحُ أُوتِنَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: ذَنْ لِي. (مِنْ مِثْلِهِ) : الْهَاءُ تَعُودَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَكُونُ مِنْ لِلِابْتِدَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَعُودَ عَلَى الْقُرْآنِ فَتَكُونُ مِنْ زَائِدَةً، وَيَجُوزُ أَنْ تَعُودَ عَلَى الْأَنْدَادِ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ) [النَّحْلِ: ٦٦] .

(وَادْعُوا) : لَامُ الْكَلِمَةِ مَحْذُوفٌ ; لِأَنَّهُ حُذِفَ فِي الْوَاحِدِ دَلِيلًا عَلَى السُّكُونِ الَّذِي هُوَ جَزْمٌ فِي الْمُعْرَبِ، وَهَذِهِ الْوَاوُ ضَمِيرُ الْجَمَاعَةِ.

(مِنْ دُونِ اللَّهِ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الشُّهَدَاءِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: شُهَدَاءَكُمْ مُنْفَرِدِينَ عَنِ اللَّهِ، أَوْ عَنْ أَنْصَارِ اللَّهِ.

قَالَ تَعَالَى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) : الْجَزْمُ بِلَمْ لَا بِإِنْ لِأَنَّ ((لَمْ)) عَامِلٌ شَدِيدُ الِاتِّصَالِ بِمَعْمُولِهِ، وَلَمْ يَقَعْ إِلَّا مَعَ الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي اللَّفْظِ، وَإِنْ قَدْ دَخَلَتْ عَلَى الْمَاضِي فِي اللَّفْظِ، وَقَدْ وَلِيَهَا الِاسْمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [التَّوْبَةِ: ٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>