وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: أَكْلًا حَلَالًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ حَلَالًا بِرَزَقَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَعُودَ إِلَى «مَا» ضَمِيرٌ.
قَالَ تَعَالَى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٨٩) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِنَفْسِ اللَّغْوِ؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ لَغَا فِي يَمِينِهِ، وَهَذَا مَصْدَرٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَعْمَلُ، وَلَكِنْ مُعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ اللَّغْوِ؛ أَيْ: بِاللَّغْوِ كَائِنًا أَوْ وَاقِعًا فِي أَيْمَانِكُمْ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَتَعَلَّقَ «فِي» بِـ «يُؤَاخِذُكُمْ» . (عَقَّدْتُمُ) : يُقْرَأُ بِتَخْفِيفِ الْقَافِ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَعَقْدُ الْيَمِينِ هُوَ قَصْدُ الِالْتِزَامِ بِهَا، وَيُقْرَأُ بِتَشْدِيدِهَا، وَذَلِكَ لِتَوْكِيدِ الْيَمِينِ كَقَوْلِهِ: «هُوَ اللَّهُ
الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ» وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ: التَّشْدِيدُ يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ الْعَزْمِ بِالِالْتِزَامِ بِهَا، وَقِيلَ: إِنَّمَا شَدَّدَ لِكَثْرَةِ الْحَالِفِينَ وَكَثْرَةِ الْأَيْمَانِ. وَقِيلَ: التَّشْدِيدُ عِوَضٌ مِنَ الْأَلِفِ فِي عَاقَدَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّشْدِيدُ لِتَكْرِيرِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ تُكَرَّرْ.
وَيُقْرَأُ «عَاقَدْتُمْ» بِالْأَلِفِ، وَهِيَ بِمَعْنَى عَقَدْتُمْ؛ كَقَوْلِكَ قَاطَعْتُهُ وَقَطَعْتُهُ مِنَ الْهِجْرَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute