قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٧) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَوْ تَرَى) : جَوَابُ «لَوْ» مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: لَشَاهَدْتَ أَمْرًا عَظِيمًا.
وَوُقِفَ مُتَعَدٍّ، وَأُوقِفَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَالْقُرْآنُ جَاءَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ، وَمِنْهُ وُقِفُوا، فَبِنَاؤُهُ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَمِنْهُ «وَقِفُوهُمْ» . «وَلَا نُكَذِّبَ» ، «وَنَكُونَ» : يُقْرَآنِ بِالرَّفْعِ. وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نُرَدُّ، فَيَكُونُ عَدَمُ التَّكْذِيبِ وَالْكَوْنُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مُتَمَنَّيْنِ أَيْضًا كَالرَّدِّ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: وَنَحْنُ لَا نُكَذِّبُ، وَفِي الْمَعْنَى وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُتَمَنًّى أَيْضًا، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «نُرَدُّ» .
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ ضَمِنُوا أَنْ لَا يَكْذِبُوا بَعْدَ الرَّدِّ، فَلَا يَكُونُ لِلْجُمْلَةِ مَوْضِعٌ، وَيُقْرَآنِ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ التَّمَنِّي، فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي التَّمَنِّي، وَالْوَاوُ فِي هَذَا كَالْفَاءِ.
وَمِنَ الْقُرَّاءِ مَنْ رَفَعَ الْأَوَّلَ، وَنَصَبَ الثَّانِيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ، وَوَجْهُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (٢٩) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ هِيَ إِلَّا) : هِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الْحَيَاةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرَ الْقِصَّةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (٣٠) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ) : أَيْ عَلَى سُؤَالِ رَبِّهِمْ، أَوْ عَلَى مُلْكِ رَبِّهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute