وَبِالْأَسْحَارِ) : الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي.
قَالَ تَعَالَى: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) : الْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ وَفِي أَنْفُسِكُمْ آيَاتٌ، وَمَنْ رَفَعَ بِالظَّرْفِ جَعَلَ ضَمِيرَ الْآيَاتِ فِي الظَّرْفِ.
وَقِيلَ: يَتَعَلَّقُ بِـ «تُبْصِرُونَ» وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ وَالْفَاءَ يَمْنَعَانِ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) : أَيْ سَبَبُ رِزْقِكُمْ، يَعْنِي الْمَطَرَ.
قَالَ تَعَالَى: (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِثْلَ مَا) : يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَعَتٌ لِـ «حَقٌّ» أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُمَا خَبَرٌ وَاحِدٌ؛ مِثْلَ حُلْوٍ حَامِضٍ. وَ «مَا» زَائِدَةٌ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ.
وَيُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ مُعْرَبٌ، ثُمَّ فِي نَصْبِهِ عَلَى هَذَا أَوْجُهٌ؛ إِمَّا هُوَ حَالٌ مِنَ النَّكِرَةِ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِيهَا، أَوْ عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَرْفُوعُ الْمَوْضِعِ؛ وَلَكِنَّهُ فُتِحَ كَمَا فُتِحَ الظَّرْفُ فِي قَوْلِهِ: (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الْأَنْعَامِ: ٩٤] عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ وَ «مَا» عَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ زَائِدَةٌ أَيْضًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ مَبْنِيٌّ، وَفِي كَيْفِيَّةِ بِنَائِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رَكِبَ مَعَ «مَا» كَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَ «مَا» عَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً، وَأَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ بُنِيَتْ لِأَنَّهَا أُضِيفَتْ إِلَى مُبْهَمٍ، وَفِيهَا إِبْهَامٌ، وَقَدْ ذُكِرَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) [هُودٍ: ٦٦] فَتَكُونُ «مَا» عَلَى هَذَا أَيْضًا إِمَّا زَائِدَةً، وَإِمَّا بِمَعْنَى شَيْءٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute