للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ هُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الَّذِينَ كَتَمُوا لُعِنُوا قَبْلَ أَنْ يَتُوبُوا، وَإِنَّمَا جَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ لِبَيَانِ قَبُولِ التَّوْبَةِ لَا لِأَنَّ قَوْمًا مِنَ الْكَاتِمِينَ لَمْ يُلْعَنُوا.

قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ) : قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ) [الْبَقَرَةِ: ١٥٧] وَقَرَأَ الْحَسَنُ: (وَالْمَلَائِكَةُ وَالنَّاسُ أَجْمَعُونَ) بِالرَّفْعِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَوْضِعِ اسْمِ اللَّهِ ; لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْعَنَهُمُ اللَّهُ ; لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ.

قَالَ تَعَالَى: (خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (خَالِدِينَ فِيهَا) : هُوَ حَالٌ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي عَلَيْهِمْ.

(لَا يُخَفَّفُ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي خَالِدِينَ، وَلَيْسَتْ حَالًا ثَانِيَةً مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ; لِأَنَّ الِاسْمَ الْوَاحِدَ لَا يَنْتَصِبُ عَنْهُ حَالَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا لَا مَوْضِعَ لَهُ.

قَالَ تَعَالَى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَهٌ وَاحِدٌ) : إِلَهٌ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، وَوَاحِدٌ صِفَةٌ لَهُ.

وَالْغَرَضُ هُنَا هُوَ الصِّفَةُ، إِذْ لَوْ قَالَ وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ لَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ، إِلَّا أَنَّ فِي

ذِكْرِهِ زِيَادَةَ تَوْكِيدٍ، وَهَذَا يُشْبِهُ الْحَالَ الْمُوَطِّئَةَ، كَقَوْلِكَ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَقَوْلِكَ فِي الْخَبَرِ زَيْدٌ شَخْصٌ صَالِحٌ. (إِلَّا هُوَ) : الْمُسْتَثْنَى فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بَدَلًا مِنْ مَوْضِعِ لَا إِلَهَ لِأَنَّ مَوْضِعَ لَا وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ الْمُسْتَثْنَى نَصْبًا لَكَانَ إِلَّا إِيَّاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>