للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: هِيَ فِي الْمَعْنَى ظَرْفٌ؛ أَيْ ذِكْرُهُمْ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا؛ فَهُوَ إِمَّا مَفْعُولٌ بِهِ عَلَى السَّعَةِ، مِثْلُ يَا سَارِقَ اللَّيْلَةِ، أَوْ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ، مِثْلَ: ذَهَبْتُ الشَّامَ.

قَالَ تَعَالَى: (هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (جَنَّاتِ عَدْنٍ) : هِيَ بَدَلٌ مِنْ «حُسْنَ مَآبٍ» .

وَ (مُفَتَّحَةً) حَالٌ مِنْ جَنَّاتٍ، فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَهَا مَعْرِفَةً لِإِضَافَتِهَا إِلَى عَدْنٍ، وَهُوَ عَلَمٌ؛ كَمَا قَالُوا: جَنَّةُ الْخُلْدِ، وَجَنَّةُ الْمَأْوَى.

وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ نَكِرَةٌ، وَالْمَعْنَى: جَنَّاتُ إِقَامَةٍ، فَتَكُونُ «مُفَتَّحَةً» وَصْفًا.

وَأَمَّا ارْتِفَاعُ (الْأَبْوَابُ) فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا: هُوَ فَاعِلُ «مُفَتَّحَةً» وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ مِنْهَا، فَحُذِفَ كَمَا حُذِفَ فِي قَوْلِهِ: (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النَّازِعَاتِ: ٤١] أَيْ لَهُمْ وَالثَّانِي: هِيَ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ (مُفَتَّحَةً) وَهُوَ ضَمِيرُ الْجَنَّاتِ وَ «الْأَبْوَابُ» غَيْرُ أَجْنَبِيٍّ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْجَنَّةِ تَقُولُ: فُتِحَتِ الْجَنَّةُ، وَأَنْتَ تُرِيدُ

أَبْوَابَهَا وَمِنْهُ: (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا) [النَّبَأِ: ١٩] .

وَالثَّالِثُ: كَالْأَوَّلِ، إِلَّا أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ عِوَضٌ مِنَ الْهَاءِ الْعَائِدَةِ؛ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ؛ وَفِيهِ بُعْدٌ.

قَالَ تَعَالَى: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (٥١)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُتَّكِئِينَ) : هُوَ حَالٌ مِنَ الْمَجْرُورِ فِي «لَهُمْ» وَالْعَامِلُ: «مُفَتَّحَةً» .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ «الْمُتَّقِينَ» لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ قَبْلَ الْحَالِ.

وَقِيلَ: هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «يَدْعُونَ» وَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>