وَقِيلَ: «مَا» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى (نَصِيبًا) أَيْ وَيَجْعَلُونَ مَا يَشْتَهُونَ لَهُمْ.
وَضَعَّفَ قَوْمٌ هَذَا الْوَجْهَ، وَقَالُوا: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ: وَلِأَنْفُسِهِمْ ; وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) : خَبَرُهُ، وَلَوْ كَانَ قَدْ قُرِئَ «مُسْوَدٌّ» لَكَانَ مُسْتَقِيمًا، عَلَى أَنْ يَكُونَ اسْمَ ظَلَّ مُضْمَرًا فِيهَا، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُهَا.
وَ (هُوَ كَظِيمٌ) : حَالٌ مِنْ صَاحِبِ الْوَجْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْوَجْهِ لِأَنَّهُ مِنْهُ.
قَالَ تَعَالَى: (يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءٍ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٥٩)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَتَوَارَى) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «كَظِيمٌ» .
(أَيُمْسِكُهُ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; تَقْدِيرُهُ: يَتَوَارَى مُتَرَدِّدًا: هَلْ يُمْسِكُهُ أَمْ لَا؟ .
(عَلَى هُونٍ) : حَالٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ) : يُقْرَأُ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ تَصِفُ، أَوْ هُوَ بَدَلٌ مِمَّا يَكْرَهُونَ ; فَعَلَى هَذَا فِي قَوْلِهِ: (أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى) وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْكَذِبِ. وَالثَّانِي: تَقْدِيرُهُ: بِأَنَّ لَهُمْ، وَلَمَّا حُذِفَتِ الْبَاءُ صَارَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عِنْدَ الْخَلِيلِ. وَعِنْدَ سِيبَوَيْهِ هُوَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ.
وَيُقْرَأُ الْكُذُبُ بِضَمِّ الْكَافِ وَالذَّالِ وَالْبَاءِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْأَلْسِنَةِ، وَهُوَ جَمْعٌ وَاحِدُهُ كَذُوبٌ، مِثْلَ صَبُورٍ وَصُبُرٍ ; وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدُ الْأَلْسِنَةِ مُذَكَّرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute