للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ) : الْهَاءُ تَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ، وَقِيلَ إِلَى اللِّقَاءِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ مُلَاقُوا.

قَالَ تَعَالَى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (٤٧)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، تَقْدِيرُهُ: وَاذْكُرُوا تَفْضِيلِي إِيَّاكُمْ.

قَالَ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا) : يَوْمًا هُنَا مَفْعُولٌ بِهِ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّقْوَى لَا يَقَعُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَاتَّقُوا عَذَابَ يَوْمٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

(لَا تَجْزِي نَفْسٌ) : الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبِ صِفَةُ الْيَوْمِ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ تُجْزَى فِيهِ ثُمَّ حُذِفَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ ; لِأَنَّ الظُّرُوفَ يُتَّسَعُ فِيهَا، وَيَجُوزُ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: تُحْذَفُ «فِي» فَتَصِيرُ تَجْزِيهِ، فَإِذَا وَصَلَ الْفِعْلُ بِنَفْسِهِ، حُذِفَ الْمَفْعُولُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. (عَنْ نَفْسٍ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ (تُجْزَى) .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ شَيْئًا عَنْ نَفْسٍ. وَ (شَيْئًا) : هُنَا فِي حُكْمِ الْمَصْدَرِ ; لِأَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ جَزَاءٍ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْجَزَاءَ شَيْءٌ فَوُضِعَ الْعَامُّ مَوْضِعَ الْخَاصِّ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ) : أَيْ فِيهِ ; وَكَذَلِكَ: (وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) . وَ (مِنْهَا) : فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِـ (يُقْبَلُ) وَيُؤْخَذُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِشَفَاعَةٍ وَعَدْلٍ، فَلَمَّا قَدِ انْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ.

وَ «يُقْبَلُ» يُقْرَأُ بِالتَّاءِ لِتَأْنِيثِ الشَّفَاعَةِ وَبِالْيَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ وَحَسُنَ ذَلِكَ لِلْفَصْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>