وَالثَّالِثُ: أَنَّ «لَا» زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: مَخَافَةَ أَنْ تَتَّخِذُوا ; وَقَدْ رَجَعَ فِي هَذَا مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ. وَ «تَتَّخِذُوا» هُنَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ: أَحَدُهُمَا: «وَكِيلًا» وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: «ذَرِّيَّةَ» وَالتَّقْدِيرُ: لَا تَتَّخِذُوا ذَرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا وَكِيلًا ; أَيْ رَبًّا أَوْ مُفَوَّضًا إِلَيْهِ. وَ «مِنْ دُونِي» يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ وَكِيلٍ، أَوْ مَعْمُولًا لَهُ، أَوْ مُتَعَلِّقًا بِتَتَّخِذُوا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْمَفْعُولُ الثَّانِي «مِنْ دُونِي» . وَفِي ذَرِّيَّةٍ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: هُوَ مُنَادًى، وَالثَّانِي: هُوَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَعْنِي. وَالثَّالِثُ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ وَكِيلٍ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقُرِئَ شَاذًّا بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ هُوَ ذَرِّيَّةٌ، أَوْ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «يَتَّخِذُوا» عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْيَاءِ ; لِأَنَّهُمْ غَيْبٌ.
وَ (مِنْ) بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (٥)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَتُفْسِدُنَّ) : يُقْرَأُ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ السِّينِ مِنْ أَفْسَدَ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ ; أَيِ الْأَدْيَانَ، أَوِ الْخَلْقَ. وَيُقْرَأُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ ; أَيْ وَيُفْسِدُكُمْ غَيْرُكُمْ.
وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ السِّينِ ; أَيْ تَفْسُدُ أُمُورُكُمْ. (مَرَّتَيْنِ) : مَصْدَرٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ. (
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute