للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَمَنْ» فِي مَوْضِعِ مُبْتَدَأٍ، وَالْخَبَرُ هُوَ الْجُمْلَةُ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: (فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ) .

قَالَ تَعَالَى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (١١٩)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) : الْأَحْسَنُ الْقِرَاءَةُ بِالْبَاءِ ; لِأَنَّهُ يُقَالُ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ، وَيُقَالُ فِي الْفَوَاحِشِ الْعِظَامِ الْكَبَائِرُ وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ الصَّغَائِرُ، وَقَدْ قُرِئَ بِالثَّاءِ، وَهُوَ جَيِّدٌ فِي الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الْكَثْرَةَ كِبَرٌ، وَالْكَثِيرُ كَبِيرٌ، كَمَا أَنَّ الصَّغِيرَ يَسِيرٌ حَقِيرٌ. (وَإِثْمُهُمَا) وَ (نَفْعِهِمَا) : مَصْدَرَانِ مُضَافَانِ إِلَى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إِضَافَةَ الْمَصْدَرِ إِلَى الْفَاعِلِ ; لِأَنَّ الْخَمْرَ هُوَ الَّذِي يُؤْثِمُ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ إِلَيْهِمَا ; لِأَنَّهُمَا سَبَبُ الْإِثْمِ أَوْ مَحَلُّهُ.

(قُلِ الْعَفْوَ) يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، وَالْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: قُلِ الْمُنْفِقُ وَهَذَا إِذَا جَعَلْتَ مَاذَا مُبْتَدَأً وَخَبَرًا، وَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: يُنْفِقُونَ الْعَفْوَ ; وَهَذَا إِذَا جَعَلْتَ مَا وَذَا اسْمًا وَاحِدًا ; لِأَنَّ الْعَفْوَ جَوَابٌ وَإِعْرَابُ الْجَوَابِ كَإِعْرَابِ السُّؤَالِ.

(كَذَلِكَ) : الْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ تَبْيِينًا مِثْلُ هَذَا التَّبْيِينِ يُبَيِّنُ لَكُمْ.

قَالَ تَعَالَى: (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>