للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْأَصْنَامِ ; أَيْ وَالْأَصْنَامُ الَّذِينَ يَدْعُونَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى عِبَادَتِهِمْ «لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ» : وَجَمَعَهُمْ جَمْعَ مَنْ يَعْقِلُ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ فِيهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَالْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الْأَصْنَامَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ ; أَيْ لَا يُجِيبُونَهُمْ ; أَيْ إِنَّ الْأَصْنَامَ لَا تُجِيبُهُمْ بِشَيْءٍ.

(إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ) : التَّقْدِيرُ: إِلَّا اسْتِجَابَةً كَاسْتِجَابَةِ بَاسِطٍ كَفَّيْهِ. وَالْمَصْدَرُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ: مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ) [فُصِّلَتْ: ٤٩] . وَفَاعِلُ هَذَا الْمَصْدَرِ مُضْمَرٌ، وَهُوَ ضَمِيرُ الْمَاءِ ; أَيْ لَا يُجِيبُونَهُمْ إِلَّا كَمَا يُجِيبُ الْمَاءُ بَاسِطَ كَفَّيْهِ إِلَيْهِ، وَالْإِجَابَةُ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الِانْقِيَادِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ) - فَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَاسِطٍ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ الْمَاءِ ; أَيْ لِيَبْلُغَ الْمَاءُ فَاهُ.

وَ (مَا هُوَ) ; أَيِ الْمَاءُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرَ الْبَاسِطِ عَلَى أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ «بَالِغٍ» مُضْمَرًا ; لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ إِذَا جَرَى عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ لَزِمَ إِبْرَازُ الْفَاعِلِ ; فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ الْمَاءَ ; فَإِنْ جَعَلْتَ الْهَاءَ فِي «بَالِغِهِ» ضَمِيرَ الْمَاءِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ هُوَ ضَمِيرَ الْبَاسِطِ.

وَالْكَافُ فِي «كَبَاسِطِ» إِنْ جَعَلْتَهَا حَرْفًا كَانَ مِنْهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمَوْصُوفِ الْمَحْذُوفِ، وَإِنْ جَعَلْتَهَا اسْمًا لَمْ يَكُنْ فِيهَا ضَمِيرٌ.

قَالَ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (١٥)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (طَوْعًا وَكَرْهًا) : مَفْعُولٌ لَهُ، أَوْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.

وَ (ظِلَالُهُمْ) : مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ.

وَ (بِالْغُدُوِّ) : ظَرْفٌ لِيَسْجُدُ.

قَالَ تَعَالَى: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي) :

<<  <  ج: ص:  >  >>