للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسُّجُودِ لَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُنَا، هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ؛ وَعَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ حَذْفُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ تَدْرِيجٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ؛ أَيْ أَنَسْجُدُ مِنْ أَجْلِ أَمْرِكَ؛ وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى عَائِدٍ، وَالْمَعْنَى: أَنَعْبُدُ اللَّهَ لِأَجْلِ أَمْرِكَ.

قَالَ تَعَالَى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (٦٢)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (سِرَاجًا) : يُقْرَأُ عَلَى الْإِفْرَادِ، وَالْمُرَادُ الشَّمْسُ، وَعَلَى الْجَمْعِ بِضَمَّتَيْنِ؛ أَيِ الشَّمْسُ وَالْكَوَاكِبُ، أَوْ يَكُونُ كُلُّ جُزْءٍ مِنَ الشَّمْسِ سِرَاجًا لِانْتِشَارِهَا وَإِضَاءَتِهَا فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ.

وَ (خِلْفَةً) : مَفْعُولٌ ثَانٍ، أَوْ حَالٌ وَأُفْرِدَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَخْلُفُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَلَا يَتَحَقَّقُ هَذَا إِلَّا مِنْهُمَا.

وَالشُّكُورُ - بِالضَّمِّ مَصْدَرٌ مِثْلُ الشُّكْرِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (٦٣)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ) : مُبْتَدَأٌ. وَفِي الْخَبَرِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: «الَّذِينَ يَمْشُونَ» وَالثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: «أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ» وَ «الَّذِينَ يَمْشُونَ» صِفَةٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَالُوا سَلَامًا) : «سَلَامًا» هُنَا مَصْدَرٌ، وَكَانُوا فِي مَبْدَأِ الْإِسْلَامِ إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ ذَكَرُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ، ثُمَّ نُسِخَ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَالُوا بِمَعْنَى سَلَّمُوا، فَيَكُونُ «سَلَامًا» مَصْدَرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>