للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِأَعْلَمَ، كَقَوْلِهِمْ: هَؤُلَاءِ حَوَاجُّ بَيْتِ اللَّهِ بِالنَّصْبِ وَالْجَرِّ ; وَسَقَطَ التَّنْوِينُ، لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ لَا يَنْصَرِفُ. فَإِنْ قُلْتَ أَفْعَلُ لَا يَنْصِبُ مَفْعُولًا قِيلَ إِنْ كَانَتْ مِنْ مَعَهُ مُرَادَةً لَمْ يُنْصَبْ، وَأَعَلَمُ هُنَا بِمَعْنَى عَالِمٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِأَعْلَمَ: أَعْلَمَ مِنْكُمْ، فَيَكُونُ «مَا» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: (هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) [الْأَنْعَامِ: ١١٧] .

قَالَ تَعَالَى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَلَّمَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَأَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى: (قَالَ رَبُّكَ) : وَمَوْضِعُ جَرٍّ، كَمَوْضِعِ قَالَ، وَقَوَّى ذَلِكَ إِضْمَارُ الْفَاعِلِ. وَقُرِئَ: «وَعُلِّمَ آدَمُ» عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَ (آدَمَ) : أَفْعَلُ، وَالْأَلِفُ فِيهِ مُبْدَلَةٌ مِنْ هَمْزَةٍ هِيَ فَاءُ الْفِعْلِ ; لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، أَوْ مِنَ الْأَدَمَةِ ; وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ فَاعِلًا ; إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَانَصْرَفَ مِثْلَ عَالَمٍ وَخَاتَمٍ، وَالتَّعْرِيفُ وَحْدَهُ لَا يَمْنَعُ وَلَيْسَ بِأَعْجَمِيٍّ.

(ثُمَّ عَرَضَهُمْ) : يَعْنِي أَصْحَابَ الْأَسْمَاءِ فَلِذَلِكَ ذَكَرَ الضَّمِيرَ.

(هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ) : يُقْرَأُ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ. وَيُقْرَأُ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ ; قِيلَ: الْمَحْذُوفَةُ هِيَ الْأُولَى، لِأَنَّهَا لَامُ الْكَلِمَةِ، وَالْأُخْرَى أَوَّلُ الْكَلِمَةِ الْأُخْرَى، وَحَذْفُ الْآخَرِ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>