للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَزَلَّهُمَا) : يُقْرَأُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ ; أَيْ حَمَلَهُمَا عَلَى الزَّلَّةِ ; وَيُقْرَأُ: فَأَزَالَهُمَا أَيْ نَحَاهُمَا، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: زَالَ الشَّيْءُ يَزُولُ، إِذَا فَارَقَ مَوْضِعَهُ، وَأَزَلْتَهُ نَحَّيْتَهُ، وَأَلِفُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ.

(مِمَّا كَانَا فِيهِ) : مَا بِمَعْنَى الَّذِي، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً أَيْ مِنْ نَعِيمٍ أَوْ عَيْشٍ: اهْبِطُوا، الْجُمْهُورُ عَلَى كَسْرِ الْبَاءِ وَهِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وَقُرِئَ بِضَمِّهَا، وَهِيَ لُغَةٌ. (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) : جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْوَاوِ فِي اهْبِطُوا ; أَيِ اهْبِطُوا مُتَعَادِينَ وَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَدُوٍّ ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بَعْضُكُمْ عَدُوٌّ لِبَعْضٍ وَيَعْمَلُ عَدُوٌّ عَمَلَ الْفِعْلِ لَكِنْ بِحَذْفِ الْجَرِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِعَدُوٍّ ; فَلَمَّا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ صَارَ حَالًا.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً، وَأَمَّا إِفْرَادُ عَدُوٍّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِمَا كَانَ بَعْضُكُمْ مُفْرَدًا فِي اللَّفْظِ، أُفْرِدَ عَدُوٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ الْجَمْعِ كَمَا قَالَ: (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) : [الشُّعَرَاءِ: ٧٧] .

(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْضًا، وَتَقْدِيرُهُ اهْبِطُوا مُتَعَادِينَ مُسْتَحِقِّينَ الِاسْتِقْرَارَ.

وَ (مُسْتَقَرٌّ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الِاسْتِقْرَارِ. وَ (إِلَى حِينٍ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ صِفَةً لِمَتَاعٍ ; فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَتَاعٍ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَصْدَرِ ; وَالتَّقْدِيرُ: وَأَنْ تَمَتَّعُوا إِلَى حِينٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>