للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ الْقِيَامَةِ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

قَالَ تَعَالَى: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١)) .

فِي (لَا) وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ زَائِدَةٌ، كَمَا زِيدَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (لِئَلَّا يَعْلَمَ) [سُورَةُ الْحَدِيدِ: ٢٩] .

وَالثَّانِي: لَيْسَتْ زَائِدَةً، وَفِي الْمَعْنَى وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: هِيَ نَفْيٌ لِلْقَسَمِ بِهَا كَمَا نُفِيَ الْقَسَمُ بِالنَّفْسِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ «لَا» رَدٌّ لِكَلَامٍ مُقَدَّرٍ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: أَنْتَ مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ فِي قَوْلِكَ: نَبْعَثُ؛ فَقَالَ لَا، ثُمَّ ابْتَدَأَ؛ فَقَالَ: أُقْسِمُ، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الشِّعْرِ، فَإِنَّ وَاوَ الْعَطْفِ تَأْتِي فِي مَبَادِئِ الْقَصَائِدِ كَثِيرًا، يُقَدَّرُ هُنَاكَ كَلَامٌ يُعْطَفُ عَلَيْهِ. وَقُرِئَ: «لَأُقْسِمُ» . وَفِي الْكَلَامِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ لَامُ التَّوْكِيدِ دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) [سُورَةُ النَّحْلِ: ١٢٤] ، وَلَيْسَتْ لَامَ الْقَسَمِ.

وَالثَّانِي: هِيَ لَامُ الْقَسَمِ، وَلَمْ تَصْحَبْهَا النُّونُ اعْتِمَادًا عَلَى الْمَعْنَى؛ وَلِأَنَّ خَبَرَ اللَّهِ صِدْقٌ؛ فَجَازَ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيدٍ.

وَقِيلَ: شُبِّهَتِ الْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ. . .) [سُورَةُ الْحِجْرِ: ٧٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>