وَقَدْ حُمِلَ عَلَى لَفْظِ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ، فَوَحَّدَ الضَّمِيرَ، وَحَمَلَ عَلَى مَعْنَاهَا: «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ» فَجَمَعَ. وَ (أَجْرُهُمْ) : مُبْتَدَأٌ، وَلَهُمْ خَبَرُهُ، وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ أَنَّ أَجْرَهُمْ مَرْفُوعٌ بِالْجَارِّ وَ (عِنْدَ) : ظَرْفٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْأَجْرِ، تَقْدِيرُهُ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ثَابِتًا عِنْدَ. «رَبِّهِمْ» وَالْأَجْرُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ يُقَالُ أَجَرَهُ اللَّهُ يَأْجُرُهُ أَجْرًا، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ ; لِأَنَّ الْأَجْرَ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُجَازَى بِهِ الْمُطِيعُ فَهُوَ مَأْجُورٌ بِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَوْقَكُمُ) : ظَرْفٌ لِرَفَعْنَا. وَيَضْعُفُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الطُّورِ ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ يَصِيرُ رَفَعْنَا الطُّورَ عَالِيًا، وَقَدِ اسْتُفِيدَ هَذَا مِنْ رَفَعْنَا، وَلِأَنَّ الْجَبَلَ لَمْ يَكُنْ فَوْقَهُمْ وَقْتَ الرَّفْعِ، وَإِنَّمَا صَارَ فَوْقَهُمْ بِالرَّفْعِ. (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ) : التَّقْدِيرُ: وَقُلْنَا خُذُوا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ الْمَحْذُوفُ حَالًا، وَالتَّقْدِيرُ: رَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ قَائِلِينَ خُذُوا.
(بِقُوَّةٍ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّرَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: خُذُوا الَّذِي آتَيْنَاكُمُوهُ عَازِمِينَ عَلَى الْجِدِّ فِي الْعَمَلِ بِهِ ; وَصَاحِبُ الْحَالِ الْوَاوُ فِي خُذُوا
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ، وَالتَّقْدِيرُ: خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمُوهُ، وَفِيهِ الشِّدَّةُ وَالتَّشَدُّدُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعَمَلِ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute