أَحَدُهُمَا: لَا مَوْضِعَ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ، وَهِيَ دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ بِضِيقِ صُدُورِهِمْ عَنِ الْقِتَالِ. وَالثَّانِي: لَهَا مَوْضِعٌ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ جَرٌّ صِفَةٌ لِقَوْمٍ، وَمَا بَيْنَهُمَا صِفَةٌ أَيْضًا، وَجَاءُوكُمْ مُعْتَرِضٌ، وَقَدْ قَرَأَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: «بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» بِحَذْفِ: أَوْ جَاءُوكُمْ. وَالثَّانِي: مَوْضِعُهَا نَصْبٌ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: مَوْضِعُهَا حَالٌ، وَقَدْ مُرَادَةٌ تَقْدِيرُهُ: أَوْ جَاءُوكُمْ قَدْ حَصِرَتْ؛ وَالثَّانِي: هُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ؛ أَيْ: جَاءُوكُمْ قَوْمًا حَصِرَتْ، وَالْمَحْذُوفُ حَالٌ مُوطِئَةٌ، وَيُقْرَأُ: (حَصِرَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ، وَبِالْجَرِّ صِفَةً لِقَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قُرِئَ حَصِرَةٌ بِالرَّفْعِ، فَعَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، وَصُدُورُهُمْ مُبْتَدَأٌ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ. (أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ) : أَيْ عَنْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَوْ جَرٍّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخِلَافِ. (لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا) : لَكُمْ يَتَعَلَّقُ بِجَعَلَ، وَعَلَيْهِمْ حَالٌ مِنَ السَّبِيلِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: سَبِيلًا كَائِنًا عَلَيْهِمْ.
قَالَ تَعَالَى: (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا.) (٩١) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أُرْكِسُوا) : الْجُمْهُورُ عَلَى إِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ.
وَقُرِئَ: «رُكِّسُوا» وَالتَّشْدِيدُ لِلثقل وَالتَّكْثِيرِ مَعًا، وَفِيهَا لُغَةٌ أُخْرَى وَهِيَ رَكَسَهُ اللَّهُ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ وَلَا تَشْدِيدٍ وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا قَرَأَ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute