(أَنْ يَفْتِنَهُمْ) : هُوَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بَدَلًا مِنْ فِرْعَوْنَ ; تَقْدِيرُهُ: عَلَى خَوْفِ فِتْنَةٍ مِنْ فِرْعَوْنَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِخَوْفٍ ; أَيْ عَلَى خَوْفِ فِتْنَةِ فِرْعَوْنَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ تَبَوَّآ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (أَنْ) الْمُفَسِّرَةَ وَلَا يَكُونُ لَهَا مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ. وَأَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً فَتَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِأَوْحَيْنَا.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا يَاءً وَهِيَ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ تَخْفِيفًا.
(لِقَوْمِكُمَا) : فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: اللَّامُ غَيْرُ زَائِدَةٍ، وَالتَّقْدِيرُ: اتَّخِذَا لِقَوْمِكُمَا بُيُوتًا ; فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِقَوْمِكُمَا أَحَدُ مَفْعُولَيْ تَبَوَّءَا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْبُيُوتِ. وَالثَّانِي: اللَّامُ زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: بَوِّئَا قَوْمَكُمَا بُيُوتًا ; أَيْ أَنْزِلَاهُمْ، وَتَفَعَّلَ وَفَعَّلَ بِمَعْنًى، مِثْلُ عَلَّقَهَا وَتَعَلَّقَهَا.
فَأَمَّا قَوْلُهُ «بِمِصْرَ» فَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتَبَوَّءَا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْبُيُوتِ، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ قَوْمِكُمَا. وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي تَبَوَّأَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.
(وَاجْعَلُوا) - (وَأَقِيمُوا) : إِنَّمَا جَمَعَ فِيهِمَا ; لِأَنَّهُ أَرَادَ مُوسَى وَهَارُونَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا - وَقَوْمَهُمَا، وَأَفْرَدَ فِي قَوْلِهِ: «وَبَشِّرْ» ; لِأَنَّهُ أَرَادَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحْدَهُ ; إِذْ كَانَ هُوَ الرَّسُولَ، وَهَارُونُ وَزِيرًا لَهُ ; فَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الْأَصْلُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَا يُؤْمِنُوا) : فِي مَوْضِعِهِ وَجْهَانِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute