للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ((٣٩)) .

قَوْلُهُ: (بِآيَاتِنَا) : الْأَصْلُ فِي آيَةِ آيَّةٍ ; لِأَنَّ فَاءَهَا هَمْزَةٌ ; وَعَيْنَهَا وَلَامَهَا يَاءَانِ ; لِأَنَّهَا مِنْ تَأَتَّى الْقَوْمُ، إِذَا اجْتَمَعُوا. وَقَالُوا فِي الْجَمْعِ آيَاءٌ، فَظَهَرَتِ الْيَاءُ الْأُولَى، وَالْهَمْزَةُ الْأَخِيرَةُ بَدَلٌ مِنْ يَاءٍ، وَوَزْنُهُ أَفْعَالٌ، وَالْأَلِفُ الثَّانِيَةُ مُبْدَلَةٌ مِنْ هَمْزَةٍ هِيَ فَاءُ الْكَلِمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ عَيْنُهَا وَاوًا لَقَالُوا آوَاءٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَبْدَلُوا الْيَاءَ السَّاكِنَةَ فِي أَيَّةٍ أَلِفَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَمِثْلُهُ: غَايَةُ، وَثَايَةُ. وَقِيلَ: أَصْلُهَا أَيِيَهْ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْيَاءُ الْأُولَى أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا.

وَقِيلَ: أَصْلُهَا أَيَيَهْ بِفَتْحِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، ثُمَّ فُعِلَ فِي الْيَاءِ مَا ذَكَرْنَا. وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْيَاءَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَتَا فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ تُقْلَبَ الثَّانِيَةَ لِقُرْبِهَا مِنَ الطَّرَفِ.

وَقِيلَ: أَصْلُهَا آيِيَةُ عَلَى فَاعِلَةٍ ; وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تُدْغَمَ، فَيُقَالُ آيَّةُ مِثْلَ دَابَّةٍ، إِلَّا أَنَّهَا خُفِّفَتْ كَتَخْفِيفِ كَيْنُونَةٍ فِي كَيِّنُونَةٍ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ التَّخْفِيفَ فِي ذَلِكَ الْبِنَاءِ كَانَ لِطُولِ الْكَلِمَةِ. (أُولَئِكَ) : مُبْتَدَأٌ، وَ «أَصْحَابُ النَّارِ» خَبَرُهُ. وَ «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ أَصْحَابٍ.

وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ النَّارِ لِأَنَّ فِي الْجُمْلَةِ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَيْهَا وَيَكُونُ الْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَعْنَى الْإِضَافَةِ أَوْ لِلَّامِ الْمُقَدَّرَةِ.

قَالَ تَعَالَى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>