فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ تُكْسَرِ اللَّامُ وَتُقْرَأِ الْيَاءُ كَمَا فُعِلَ فِي ذَلِكَ؟ .
قِيلَ: ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الثِّقَلِ لِوُقُوعِ الْيَاءِ بَيْنَ كَسْرَتَيْنِ، وَمَوْضِعُهَا رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَأُمَّةٌ خَبَرُهَا. وَ (قَدْ خَلَتْ) : صِفَةٌ لِأُمَّةٍ. وَ (لَهَا مَا كَسَبَتْ) : فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ أَيْضًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي خَلَتْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا. (وَلَا تُسْأَلُونَ) : مُسْتَأْنَفٌ لَا غَيْرَ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ) .
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا. . . . . (١٣٥)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوْ نَصَارَى) : الْكَلَامُ فِي «أَوْ» هَاهُنَا كَالْكَلَامِ فِيهَا فِي قَوْلِهِ:
(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ) [الْبَقَرَةِ: ١١١] ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: قَالَتِ الْيَهُودُ كُونُوا هُودًا، وَقَالَتِ النَّصَارَى كُونُوا نَصَارَى. (مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) : تَقْدِيرُهُ: بَلْ نَتَّبِعُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ، أَوْ قُلِ اتَّبِعُوا مِلَّةَ.
وَ (حَنِيفًا) : حَالٌ مِنْ إِبْرَاهِيمَ ; وَالْحَالُ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ ضَعِيفٌ فِي الْقِيَاسِ، قَلِيلٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَالَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ عَامِلٍ فِيهَا، وَالْعَامِلُ فِيهَا هُوَ الْعَامِلُ فِي صَاحِبِهَا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ الْمُضَافُ فِي مِثْلِ هَذَا فِي الْحَالِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ مَنْ نَصَبَهُ عَلَى الْحَالِ أَنَّهُ قَدَّرَ الْعَامِلَ مَعْنَى اللَّامِ، أَوْ مَعْنَى الْإِضَافَةِ، وَهُوَ الْمُصَاحَبَةُ وَالْمُلَاصَقَةُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute