أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَبْدَلَ الْكَسْرَةَ فَتْحَةً، فَانْقَلَبَتْ يَاءُ الْإِضَافَةِ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْأَلِفُ كَمَا حُذِفَتِ الْيَاءُ مَعَ الْكَسْرَةِ ; لِأَنَّهَا أَصْلُهَا وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَلِفَ حُذِفَتْ مِنَ اللَّفْظِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ) : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ عَلَى بَابِهِ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ، وَ «مَنْ رَحِمَ» بِمَعْنَى الرَّاحِمِ ; أَيْ لَا عَاصِمَ إِلَّا اللَّهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ ; أَيْ لَكِنْ مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ يُعْصَمُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عَاصِمًا بِمَعْنَى مَعْصُومٍ ; مِثْلَ (مَاءٍ دَافِقٍ) [الطَّارِقِ: ٦] أَيْ مَدْفُوقٍ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا ; أَيْ إِلَّا مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ عَاصِمًا بِمَعْنَى ذَا عِصْمَةٍ عَلَى النَّسَبِ، مِثْلَ حَائِضٍ وَطَالِقٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى هَذَا مُتَّصِلٌ أَيْضًا. فَأَمَّا
خَبَرُ «لَا» فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «الْيَوْمَ» ;لِأَنَّ ظَرْفَ الزَّمَانِ لَا يَكُونُ خَبَرًا عَنِ الْجُثَّةِ، بَلِ الْخَبَرُ «مِنْ أَمْرِ اللَّهِ» وَ «الْيَوْمَ» مَعْمُولُ «مِنْ أَمْرِ» وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمُ مَعْمُولَ عَاصِمٍ ; إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنُوِّنَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلَى الْجُودِيِّ) : بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَهُوَ الْأَصْلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute