قَالَ تَعَالَى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١٧)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنْ كَانَ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَغَيْرِهِ.
(وَيَتْلُوهُ) : فِي الْهَاءِ عِدَّةُ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: يَرْجِعُ عَلَى «مَنْ» وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّقْدِيرُ: وَيَتْلُو مُحَمَّدًا ; أَيْ صِدْقَ مُحَمَّدٍ. (شَاهِدٌ مِنْهُ) : أَيْ لِسَانُهُ. وَقِيلَ: الشَّاهِدُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالْهَاءُ فِي (مِنْهُ) لِلَّهِ وَفِي «مِنْ قَبْلِهِ» لِلنَّبِيِّ.
وَ «كِتَابُ مُوسَى» : مَعْطُوفٌ عَلَى الشَّاهِدِ. وَقِيلَ: الشَّاهِدُ الْإِنْجِيلُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ يَتْلُوَانِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّصْدِيقِ، وَقَدْ فَصَلَ بَيْنَ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالْمَعْطُوفِ بِقَوْلِهِ: «مِنْ قَبْلِهِ» أَيْ وَكِتَابُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَبْلِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْهَاءَ لِلْقُرْآنِ ; أَيْ وَيَتْلُو الْقُرْآنَ شَاهِدٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ لِسَانُهُ. وَقِيلَ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تَعُودُ عَلَى الْبَيَانِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. وَقِيلَ: تَمَامُ الْكَلَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ «مِنْهُ» ، «وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى» عَلَيْهِ السَّلَامُ - ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ
وَ (إِمَامًا وَرَحْمَةً) : حَالَانِ.
وَقُرِئَ: «كِتَابُ مُوسَى» بِالنَّصْبِ ; أَيْ وَيَتْلُو كِتَابَ مُوسَى.
(فِي مِرْيَةٍ) : يُقْرَأُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَهُمَا لُغَتَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute