وَيُقْرَأُ «أَنَّ» بِتَشْدِيدِ النُّونِ، وَهِيَ مَصْدَرِيَّةٌ. وَالتَّقْدِيرُ: آخِرُ دَعْوَاهُمْ حَمْدُ اللَّهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الشَّرَّ) : هُوَ مَفْعُولُ يُعَجِّلُ.
وَ (اسْتِعْجَالَهُمْ) : تَقْدِيرُهُ تَعْجِيلًا مِثْلَ اسْتِعْجَالِهِمْ ; فَحَذَفَ الْمَصْدَرَ وَصِفَتَهُ الْمُضَافَةَ، وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُمَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ ; أَيْ كَاسْتِعْجَالِهِمْ ; وَهُوَ بَعِيدٌ ; إِذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ، لَجَازَ زَيْدٌ غُلَامَ عَمْرٍو ; وَبِهَذَا ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ. وَلَيْسَ بِتَضْعِيفٍ صَحِيحٍ ; إِذْ لَيْسَ فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذُكِرَ فِعْلٌ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ عِنْدَ حَذْفِ الْجَارِّ ; وَفِي الْآيَةِ فِعْلٌ يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ ; وَهُوَ قَوْلُهُ: «يُعَجِّلُ» .
(فَنَذَرُ) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فِعْلٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: وَلَكِنْ نُمْهِلُهُمْ فَنَذَرُ ; وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى (يُعَجِّلُ) ; إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَدَخَلَ فِي الِامْتِنَاعِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ (لَوْ) وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ التَّعْجِيلَ لَمْ يَقَعْ، وَتَرْكَهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ وَقَعَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِجَنْبِهِ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; أَيْ دَعَانَا مُضْطَجِعًا. وَمِثْلُهُ (قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا) : وَقِيلَ: الْعَامِلُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ مَسَّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَالَ عَلَى هَذَا وَاقِعَةٌ بَعْدَ جَوَابِ إِذَا وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute