تَقْدِيرُهُ: أَنَّكُمْ إِذَا مُتُّمْ يَحْدُثُ أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ، فَأَنَّكُمُ الثَّانِيَةُ وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ فَاعِلُ جَوَابِ إِذَا، وَالْجُمْلَةُ كُلُّهَا خَبَرُ أَنَّ الْأُولَى. وَالثَّالِثُ: أَنَّ خَبَرَ الْأُولَى مُخْرَجُونَ. وَأَنَّ الثَّانِيَةَ مُكَرَّرَةٌ وَحْدَهَا تَوْكِيدًا، وَجَازَ ذَلِكَ لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ، كَمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الْمَكْسُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا) [النَّحْلِ: ١١٠] وَ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ) [النَّحْلِ: ١١٩] وَقَدْ ذُكِرَ فِي النَّحْلِ. وَالرَّابِعُ: أَنَّ خَبَرَ «أَنَّ» الْأُولَى مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ خَبَرِ الثَّانِيَةِ عَلَيْهِ ; وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «إِذَا» خَبَرَ الْأُولَى ; لِأَنَّهَا ظَرْفُ زَمَانٍ، وَاسْمُهَا جُثَّةٌ. وَأَمَّا الْعَامِلُ فِي «إِذَا» فَمَحْذُوفٌ ; فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ الْمُقَدَّرُ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ ; وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: يَعْمَلُ فِيهَا جَوَابُهَا الْمَحْذُوفُ، وَعَلَى الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ يَعْمَلُ فِيهَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَعْمَلُ فِيهَا «مُتُّمْ» لِإِضَافَتِهَا إِلَيْهِ.
قَالَ تَعَالَى: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَيْهَاتَ) : هُوَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ، وَهُوَ خَبَرٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ بَعُدَ. وَفِي فَاعِلِهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: هُوَ مُضْمَرٌ، تَقْدِيرُهُ: بَعُدَ التَّصْدِيقُ لِمَا تُوعَدُونَ، أَوِ الصِّحَّةُ، أَوِ الْوُقُوعُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَالثَّانِي: فَاعِلُهُ «مَا» ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ ; أَيْ بَعُدَ مَا تُوعَدُونَ مِنَ الْبَعْثِ.
وَقَالَ قَوْمٌ «هَيْهَاتَ» بِمَعْنَى الْبُعْدِ ; فَمَوْضِعُهُ مُبْتَدَأٌ، وَ «لِمَا تُوعَدُونَ» الْخَبَرُ ; وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَ «هَيْهَاتَ» عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا مَوْضِعَ لَهَا، وَفِيهَا عِدَّةُ قِرَاءَاتٍ: الْفَتْحُ بِلَا تَنْوِينٍ، عَلَى أَنَّهُ مُفْرَدٌ. وَبِالتَّنْوِينِ عَلَى إِرَادَةِ التَّكْثِيرِ، وَبِالْكَسْرِ بِلَا تَنْوِينٍ، وَبِتَنْوِينٍ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ تَأْنِيثٍ، وَالضَّمُّ بِالْوَجْهَيْنِ، شُبِّهَ بِقَبْلُ وَبَعْدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute