وَ (أَنُلْزِمُكُمُوهَا) الْمَاضِي مِنْهُ أَلْزَمْتُ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَدَخَلَتِ الْوَاوُ هُنَا تَتِمَّةً لِلْمِيمِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي مِيمِ الْجَمْعِ.
وَقُرِئَ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ الْأُولَى فِرَارًا مِنْ تَوَالِي الْحَرَكَاتِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَزْدَرِي) : الدَّالُ بَدَلٌ مِنَ التَّاءِ وَأَصْلُهَا تَزْتَرِي، وَهُوَ تَفْتَعِلُ مِنْ زَرِيتُ، وَأُبْدِلَتْ دَالًا لِتَجَانُسِ الزَّايِ فِي الْجَهْرِ، وَالتَّاءُ مَهْمُوسَةٌ، فَلَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ الزَّايِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ جَادَلْتَنَا) : الْجُمْهُورُ عَلَى إِثْبَاتِ الْأَلِفِ، وَكَذَلِكَ «جِدَالَنَا» .
وَقُرِئَ: «جَدَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جَدَلَنَا» بِغَيْرِ أَلِفٍ فِيهِمَا، وَهُوَ بِمَعْنَى غَلَبْتَنَا بِالْجَدَلِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ) : حُكْمُ الشَّرْطِ، إِذَا دَخَلَ عَلَى الشَّرْطِ، أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ الثَّانِي وَالْجَوَابُ جَوَابًا لِلشَّرْطِ الْأَوَّلِ ; كَقَوْلِكَ: إِنْ أَتَيْتَنِي إِنْ كَلَّمْتَنِي أَكْرَمْتُكَ، فَقَوْلُكَ إِنْ كَلَّمْتَنِي أَكْرَمْتُكَ، جَوَابُ إِنْ أَتَيْتَنِي ; وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ فِي الذِّكْرِ مُؤَخَّرًا فِي الْمَعْنَى حَتَّى لَوْ أَتَاهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ لَمْ يَجِبِ الْإِكْرَامُ. وَلَكِنْ إِنْ كَلَّمَهُ ثُمَّ أَتَاهُ، وَجَبَ إِكْرَامُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute