أَحَدُهُمَا: هِيَ بِمَعْنَى مَا ; أَيْ مَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِإِزَالَةِ الْجِبَالِ ; وَهُوَ تَمْثِيلُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ مَكَرُوا لِيُزِيلُوا مَا هُوَ كَالْجِبَالِ فِي الثُّبُوتِ، وَمِثْلُ هَذَا الْمَكْرِ بَاطِلٌ. وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَضَمِّ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ عَلَى هَذَا مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاللَّامُ لِلتَّوْكِيدِ.
وَقُرِئَ شَاذًّا بِفَتْحِ اللَّامَيْنِ، وَذَلِكَ عَلَى لُغَةِ مَنْ فَتَحَ لَامَ كَيْ ; وَ «كَانَ» هُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ التَّامَّةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ النَّاقِصَةَ.
قَالَ تَعَالَى: (فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤٧)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) : الرُّسُلُ: مَفْعُولٌ أَوَّلُ، وَالْوَعْدُ: مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَإِضَافَةُ مُخْلِفٍ إِلَى الْوَعْدِ اتِّسَاعٌ ; وَالْأَصْلُ مُخْلِفٌ رُسُلَهُ وَعْدَهُ ; وَلَكِنْ سَاغَ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَفْعُولًا، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ:
يَا سَارِقَ اللَّيْلَةِ أَهْلَ الدَّارِ قَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ) : يَوْمَ هُنَا ظَرْفٌ لِـ «انْتِقَامٍ» أَوْ مَفْعُولُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ ; أَيِ اذْكُرْ يَوْمَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِمُخْلِفٍ وَلَا لِوَعْدِهِ ; لِأَنَّ مَا قَبْلَ إِنَّ لَا يَعْمَلُ فِيمَا بَعْدَهَا ; وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُلَخَّصَ مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ مَا يَعْمَلُ فِي الظَّرْفِ ; أَيْ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ يَوْمَ تُبَدَّلُ.
(وَالسَّمَاوَاتُ) : تَقْدِيرُهُ: غَيْرُ السَّمَاوَاتِ، فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ.
(وَبَرَزُوا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا ; أَيْ وَيَبْرُزُونَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْأَرْضِ، وَ «قَدْ» مَعَهُ مُرَادَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute