للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْبَاءُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مُظْهَرٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ بَعْدَ ثَلَاثِ آيَاتٍ: (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ) [النِّسَاءِ: ١٦٠] . وَقَوْلُهُ: (فَبِظُلْمٍ) : بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: «فَبِمَا نَقْضِهِمْ» وَأَعَادَ الْفَاءَ فِي الْبَدَلِ لَمَّا طَالَ الْفَصْلُ. وَالثَّانِي: أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَحْذُوفٌ، وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَالتَّقْدِيرُ: فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، أَوْ لُعِنُوا. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ

لَا يُؤْمِنُونَ، وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ. (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا) : أَيْ: لَيْسَ كَمَا ادَّعَوْا مِنْ أَنَّ قُلُوبَهُمْ أَوْعِيَةٌ لِلْعِلْمِ. وَ (بِكُفْرِهِمْ) : أَيْ: بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ كُفْرَهُمْ صَارَ مُغَطِّيًا عَلَى قُلُوبِهِمْ، كَمَا تَقُولُ: طَبَعْتُ عَلَى الْكِيسِ بِالطِّينِ؛ أَيْ: جَعَلْتُهُ الطَّابِعَ. إِلَّا قَلِيلًا؛ أَيْ: إِيمَانًا أَوْ زَمَانًا قَلِيلًا.

قَالَ تَعَالَى: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) (١٥٦) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَبِكُفْرِهِمْ) : مَعْطُوفٌ عَلَى وَبِكُفْرِهِمُ الْأَوَّلِ، وَ (بُهْتَانًا) : مَصْدَرٌ يَعْمَلُ فِيهِ الْقَوْلُ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْهُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ قَعَدَ الْقُرْفُصَاءَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا بِمَثَابَةِ الْقَوْلِ فِي الِانْتِصَابِ. وَقَالَ قَوْمٌ تَقْدِيرُهُ: قَوْلًا بُهْتَانًا. وَقِيلَ التَّقْدِيرُ: بُهِتُوا بُهْتَانًا. وَقِيلَ: هُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ؛ أَيْ: مُبَاهِتِينَ.

قَالَ تَعَالَى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا) (١٥٧) (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (١٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>