للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢)) .

(وَإِذْ قَتَلْتُمْ) : تَقْدِيرُهُ: اذْكُرُوا إِذْ.

(فَادَّارَأْتُمْ) : أَصْلُ الْكَلِمَةِ تَدَارَأْتُمْ، وَوَزْنُهُ تَفَاعَلْتُمْ، ثُمَّ أَرَادُوا التَّخْفِيفَ فَقَلَبُوا التَّاءَ دَالًا، لِتَصِيرَ مِنْ جِنْسِ الدَّالِ الَّتِي هِيَ فَاءُ الْكَلِمَةِ، لِتَمَكُّنِ الْإِدْغَامِ، ثُمَّ سَكَّنُوا الدَّالَ إِذْ شَرْطُ الْإِدْغَامِ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ سَاكِنًا، فَلَمْ يُمْكِنِ الِابْتِدَاءُ بِالسَّاكِنِ، فَاجْتُلِبَتْ لَهُ هَمْزَةُ الْوَصْلِ، فَوَزْنُهُ الْآنَ افَّاعَلْتُمْ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ، مَقْلُوبٌ مِنَ اتْفَاعَلْتُمْ، وَالْفَاءُ الْأُولَى زَائِدَةٌ، وَلَكِنَّهَا صَارَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ، فَيُنْطَقُ بِهَا مُشَدَّدَةً لَا لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ ; بَلْ لِأَنَّ الزَّائِدَ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ ; فَهُوَ

نَظِيرُ قَوْلِكَ: ضَرَّبَ بِالتَّشْدِيدِ فَإِنَّ إِحْدَى الرَّاءَيْنِ زَائِدَةٌ، وَوَزْنُهُ فَعَّلَ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ كَمَا كَانَتِ الرَّاءُ كَذَلِكَ، وَلَمْ نَقُلْ فِي الْوَزْنِ فَعْرَلَ وَلَا فَرْعَلَ، فَيُؤْتَى بِالرَّاءِ الزَّائِدَةِ فِي الْمِثَالِ، بَلْ زِيدَتِ الْعَيْنُ فِي الْمِثَالِ، كَمَا زِيدَتْ فِي الْأَصْلِ، وَكَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ، فَكَذَلِكَ التَّاءُ فِي تَدَارَأْتُمْ صَارَتْ بِالْإِبْدَالِ دَالًا مِنْ جِنْسِ فَاءِ الْكَلِمَةِ.

فَإِنْ سُئِلَ عَنِ الْوَزْنِ لِيَبِينَ الْأَصْلُ مِنَ الزَّائِدِ بِلَفْظِهِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي، كَانَ الْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَزْنُ أَصْلِهِ الْأَوَّلِ تَفَاعَلْتُمْ ; وَالثَّانِي: اتْفَاعَلْتُمْ ; وَالثَّالِثِ: افَّاعَلْتُمْ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) [التَّوْبَةِ: ٣٨] ، وَ (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا) [الْأَعْرَافِ: ٣٨] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) : ((مَا)) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمُخْرِجٍ، وَهِيَ بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، وَيَكُونَ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ ; أَيْ يُخْرِجُ كَتْمَكُمْ، أَيْ مَكْتُومَكُمْ.

قَالَ تَعَالَى: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ) : الْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى إِحْيَاءً مِثْلَ ذَلِكَ. وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَضَرَبُوهَا فَحَيِيَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>