إِعْرَابُ التَّسْمِيَةِ
قَالَ تَعَالَى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١))
الْبَاءُ فِي: بِسْمِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ ; فَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ الْمَحْذُوفُ مُبْتَدَأٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهُ، وَالتَّقْدِيرُ ابْتِدَائِي بِسْمِ اللَّهِ ; أَيْ كَائِنٌ بِاسْمِ اللَّهِ ; فَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْكَوْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: الْمَحْذُوفُ فِعْلٌ تَقْدِيرُهُ ابْتَدَأْتُ، أَوْ أَبْدَأُ، فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالْمَحْذُوفِ، وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنَ الْخَطِّ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، فَلَوْ قُلْتَ لِاسْمِ اللَّهِ بَرَكَةٌ أَوْ بِاسْمِ رَبِّكَ، أَثْبَتَّ الْأَلِفَ فِي الْخَطِّ.
وَقِيلَ حَذَفُوا الْأَلِفَ ; لِأَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى سِمٍ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي اسْمٍ.
وَلُغَاتُهُ خَمْسٌ: سِمٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا، اسْمٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا، وَسُمَى مِثْلُ ضُحَى.
وَالْأَصْلُ فِي اسْمٍ: سُمُوٌ فَالْمَحْذُوفُ مِنْهُ لَامُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي جَمْعِهِ أَسْمَاءُ وَأَسَامِي وَفِي تَصْغِيرِهِ «سُمَيٌّ» وَبَنَوْا مِنْهُ فَعِيلًا، فَقَالُوا فُلَانٌ سَمِيُّكَ: أَيِ
اسْمُهُ كَاسْمِكَ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ سَمَّيْتُ وَأَسْمَيْتُ ; فَقَدْ رَأَيْتَ كَيْفَ رَجَعَ الْمَحْذُوفُ إِلَى آخِرِهِ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: أَصْلُهُ وَسَمَ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَسْمِ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى فَاسِدٌ اشْتِقَاقًا.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أُضِيفَ الِاسْمُ إِلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ هُوَ الِاسْمُ؟ .
قِيلَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الِاسْمَ هُنَا بِمَعْنَى التَّسْمِيَةِ، وَالتَّسْمِيَةُ غَيْرُ الِاسْمِ ; لِأَنَّ الِاسْمَ هُوَ اللَّازِمُ لِلْمُسَمَّى، وَالتَّسْمِيَةُ هُوَ التَّلَفُّظُ بِالِاسْمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute