للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: (جَعَلَ اللَّهُ) : هِيَ بِمَعْنَى صَيَّرَ، فَيَكُونُ (قِيَامًا) : مَفْعُولًا ثَانِيًا، وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى خَلَقَ، فَيَكُونُ قِيَامًا حَالًا، وَ (الْبَيْتَ) : بَدَلٌ مِنَ الْكَعْبَةِ، وَيُقْرَأُ (قِيَامًا) بِالْأَلِفِ؛ أَيْ: سَبَبًا لِقِيَامِ دِينِهِمْ وَمَعَاشِهِمْ. وَيُقْرَأُ: (قِيَمًا) بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهُوَ مَحْذُوفٌ مِنْ قِيَامٍ كَخِيَمٍ فِي خِيَامٍ. (ذَلِكَ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيِ: الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ذَلِكَ؛ أَيْ: لَا غَيْرُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُوفُ هُوَ الْخَبَرُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ أَيْ: فَعَلْنَا ذَلِكَ أَوْ شَرَعْنَا، وَاللَّامُ فِي «لِتَعْلَمُوا» مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَحْذُوفِ.

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٠١) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَنْ أَشْيَاءَ) : الْأَصْلُ فِيهَا عِنْدَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ «شَيْئَاءَ» بِهَمْزَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ، وَهِيَ فَعْلَاءُ مِنْ لَفْظِ شَيْءٍ، وَهَمْزَتُهَا الثَّانِيَةُ لِلتَّأْنِيثِ، وَهِيَ مُفْرَدَةٌ فِي اللَّفْظِ، وَمَعْنَاهَا الْجَمْعُ، مِثْلُ قَصْبَاءَ وَطَرْفَاءَ، وَلِأَجْلِ هَمْزَةِ التَّأْنِيثِ لَمْ تَنْصَرِفْ، ثُمَّ إِنَّ الْهَمْزَةَ الْأُولَى الَّتِي هِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ قُدِّمَتْ فَجُعِلَتْ قَبْلَ الشِّينِ كَرَاهِيَةَ الْهَمْزَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ، خُصُوصًا بَعْدَ الْيَاءِ، فَصَارَ وَزْنُهَا لَفْعَاءَ، وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، لَا يَرِدُ عَلَيْهِ إِشْكَالٌ.

وَقَالَ الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ: أَصْلُ الْكَلِمَةِ شَيْءٌ مِثْلُ هَيِّنٍ عَلَى فَيْعِلٍ، ثُمَّ خُفِّفَتْ يَاؤُهُ كَمَا خُفِّفَتْ يَاءُ هَيْنٍ، فَقِيلَ: شَيْءٌ كَمَا قِيلَ «هَيْنٌ» ثُمَّ جُمِعَ عَلَى أَفْعِلَاءَ؛ وَكَانَ الْأَصْلُ أَشْيَاءَ؛ كَمَا قَالُوا هَيْنٌ وَأَهْوِنَاءُ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ الْأُولَى، فَصَارَ وَزْنُهَا أَفْعَاءَ، فَلَامُهَا مَحْذُوفَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>