للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَتَلَقَّى آدَمُ) : يُقْرَأُ بِرَفْعِ آدَمَ وَنَصْبِ كَلِمَاتٍ، وَبِالْعَكْسِ ; لِأَنَّ كُلَّ مَا تَلَقَّاكَ فَقَدْ تَلَقَّيْتَهُ. وَ (مِنْ رَبِّهِ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِتَلَقَّى. وَيَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ صِفَةٌ لَكَلِمَاتٍ، تَقْدِيرُهُ: كَلِمَاتٌ كَائِنَةٌ مِنْ رَبِّهِ، فَلَمَّا قَدَّمَهَا انْتَصَبَتْ عَلَى الْحَالِ.

(إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ) : هُوَ هَاهُنَا مِثْلُ أَنْتَ فِي: (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) وَقَدْ ذُكِرَ.

قَالَ تَعَالَى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)) .

قَوْلُهُ: (مِنْهَا جَمِيعًا) : حَالٌ ; أَيْ مُجْتَمِعِينَ، إِمَّا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي أَزْمِنَةٍ، بِحَيْثُ يَشْتَرِكُونَ فِي الْهُبُوطِ. (فَإِمَّا) : إِنْ حَرْفُ شَرْطٍ، وَمَا حَرْفٌ مُؤَكِّدٌ لَهُ. وَ (يَأْتِيَنَّكُمْ) : فِعْلُ الشَّرْطِ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ، وَالْفِعْلُ يَصِيرُ بِهَا مَبْنِيًّا أَبَدًا.

وَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَفْعَالِ الشَّرْطِ عَقِيبَ إِمَّا كُلُّهُ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّ زِيَادَةَ مَا تُؤْذِنُ بِإِرَادَةِ شِدَّةِ التَّوْكِيدِ وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ بِالنُّونِ.

وَجَوَابُ الشَّرْطِ: فَمَنْ تَبِعَ وَجَوَابُهُ. وَمَنْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ تَبِعَ، وَفِيهِ ضَمِيرُ فَاعِلٍ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>