للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّ مَا وَذَا اسْمٌ وَاحِدٌ مُبْتَدَأٌ، وَعَلَيْهِمُ الْخَبَرُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي الْبَقَرَةِ بِأَبْسَطَ مِنْ

هَذَا وَ (لَوْ) : فِيهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ عَلَى بَابِهَا، وَالْكَلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى؛ أَيْ: لَوْ آمَنُوا لَمْ يَضُرُّهُمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى أَنِ النَّاصِبَةِ لِلْفِعْلِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ: (لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) [الْبَقَرَةِ: ٩٦] وَغَيْرِهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى إِنِ الشَّرْطِيَّةِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ: (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) ؛ أَيْ: وَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ إِنْ آمَنُوا؛ وَتَقْدِيرُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ: أَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ فِي الْإِيمَانِ.

قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) (٤٠) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَفْعُولٌ لِيَظْلِمُ؛ وَالتَّقْدِيرُ: لَا يَظْلِمُهُمْ، أَوْ لَا يَظْلِمُ أَحَدًا، وَيَظْلِمُ بِمَعْنَى يَنْتَقِصُ؛ أَيْ: يَنْقُصُ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولَيْنِ. وَالثَّانِي: هُوَ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ تَقْدِيرُهُ: ظُلْمًا قَدْرَ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ، فَحُذِفَ الْمَصْدَرُ وَصِفَتُهُ، وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُمَا. (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً) : حُذِفَتْ نُونُ تَكُنْ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَشِبْهِ النُّونِ لِغُنَّتِهَا وَسُكُونِهَا بِالْوَاوِ، فَإِنْ تَحَرَّكَتْ لَمْ تُحْذَفْ نَحْوُ: (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ) [النِّسَاءِ: ٣٨] ، (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ) [الْبَيِّنَةِ: ١] وَ «حَسَنَةً» بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ التَّامَّةُ، وَبِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهَا النَّاقِصَةُ. وَ «مِنْ لَدُنْهُ» مُتَعَلِّقٌ بِيُؤْتِ، أَوْ حَالٌ مِنَ الْأَجْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>