قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) (٢٤) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا دَامُوا) : هُوَ بَدَلٌ مِنْ أَبَدًا؛ لِأَنَّ مَا مَصْدَرِيَّةٌ تَنُوبُ عَنِ الزَّمَانِ، وَهُوَ بَدَلُ بَعْضٍ. وَ (هَاهُنَا) ظَرْفٌ: لِـ «قَاعِدُونَ» ، وَالِاسْمُ «هُنَا» ، وَهَا لِلتَّنْبِيهِ؛ مِثْلُ الَّتِي فِي قَوْلِكَ: هَذَا، وَهَؤُلَاءِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) (٢٥) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَخِي) : فِي مَوْضِعِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: نَصْبٌ عَطْفًا عَلَى نَفْسِي، أَوْ عَلَى اسْمِ إِنَّ. وَالثَّانِي: رَفْعٌ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي أَمْلِكُ؛ أَيْ: وَلَا يَمْلِكُ أَخِي إِلَّا نَفْسَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: وَأَخِي كَذَلِكَ. (وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) : الْأَصْلُ أَنْ لَا تُكَرَّرَ بَيْنَ، وَقَدْ تُكَرَّرُ تَوْكِيدًا؛ كَقَوْلِكَ: الْمَالُ بَيْنَ زَيْدٍ وَبَيْنَ عَمْرٍو، وَكُرِّرَتْ هُنَا لِئَلَّا يُعْطَفَ عَلَى الضَّمِيرِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) (٢٦) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَرْبَعِينَ سَنَةً) : ظَرْفٌ لِمُحَرَّمَةٌ، فَالتَّحْرِيمُ عَلَى هَذَا مُقَدَّرٌ. وَ (يَتِيهُونَ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ. وَقِيلَ: هِيَ ظَرْفٌ لِـ «يَتِيهُونَ» ، فَالتَّحْرِيمُ عَلَى هَذَا غَيْرُ مُؤَقَّتٍ. (فَلَا تَأْسَ) : أَلِفُ تَأَسَى بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَسَى الَّذِي هُوَ الْحُزْنُ، وَتَثْنِيَتُهُ أَسَوَانِ، وَلَا حُجَّةَ فِي أَسِيتُ عَلَيْهِ؛ لِانْكِسَارِ السِّينِ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَسْوَانٌ بِالْوَاوِ. وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْيَاءِ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَسْيَانٌ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute