للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: قَلْبُ الْهَمْزَةِ وَاوًا تَخْفِيفًا، وَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ الْوُسْطَى حَمْلًا عَلَى أُومِنُ، وَالْأَصْلُ يُؤَأْمِنُ، فَأَمَّا أُومِنُ فَلَا يَجُوزُ هَمْزُ الثَّانِيَةِ بِحَالٍ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَ (الْغَيْبِ) هُنَا: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَيْ يُؤْمِنُونَ بِالْغَائِبِ عَنْهُمْ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ ; أَيِ الْمَغِيبِ كَقَوْلِهِ: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ) [لُقْمَانَ: ١١] ; أَيْ مَخْلُوقُهُ. وَدِرْهَمٌ ضَرْبُ الْأَمِيرِ أَيْ مَضْرُوبُهُ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَيُقِيمُونَ) أَصْلُهُ يُؤَقْوِمُونَ، وَمَاضِيهِ أَقَامَ، وَعَيْنُهُ وَاوٌ ; لِقَوْلِكَ فِيهِ يَقُومُ، فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ كَمَا حُذِفَتْ فِي أُقِيمَ لِاجْتِمَاعِ الْهَمْزَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا فِيهِ حَرْفُ مُضَارَعَةٍ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ بَابُ أَفْعَالِ الْمُضَارَعَةِ. وَأَمَّا الْوَاوُ فَعُمِلَ فِيهَا مَا عُمِلَ فِي نَسْتَعِينُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. وَأَلِفُ الصَّلَاةِ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لِقَوْلِكَ صَلَوَاتٌ. وَالصَّلَاةُ مَصْدَرُ صَلَّى. وَيُرَادُ بِهَا هَاهُنَا الْأَفْعَالُ وَالْأَقْوَالُ الْمَخْصُوصَةُ، فَلِذَلِكَ جَرَتْ مَجْرَى الْأَسْمَاءِ غَيْرِ الْمَصَادِرِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) : مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (يُنْفِقُونَ) ، وَالتَّقْدِيرُ: وَيُنْفِقُونَ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ; فَيَكُونُ الْفِعْلُ قَبْلَ الْمَفْعُولِ كَمَا كَانَ قَوْلُهُ (يُؤْمِنُونَ) وَ (يُقِيمُونَ) كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُخِّرَ الْفِعْلُ عَنِ الْمَفْعُولِ لِتَتَوَافَقَ رُءُوسُ الْآيِ. وَمَا بِمَعْنَى الَّذِي، وَرَزَقْنَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَقَدْ حُذِفَ الثَّانِي مِنْهُمَا هُنَا، وَهُوَ الْعَائِدُ عَلَى مَا، تَقْدِيرُهُ رَزَقْنَاهُمُوهُ، أَوْ رَزَقْنَاهُمْ إِيَّاهُ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ ; أَيْ وَمِنْ مَالٍ رَزَقْنَاهُمْ ; فَيَكُونُ رَزَقْنَاهُمْ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِمَا. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ لَهُ مَوْضِعٌ ; لِأَنَّ الصِّلَةَ لَا مَوْضِعَ لَهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةٌ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُنْفِقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>